أحد السعف الدموي - طنطا والإسكندرية

هناك رواية بأن الرجل الذي منع الإرهابي من دخول الكنيسة من البوابة الرئيسية عامل فى الكنيسة اسمه عم نسيم. تقول الرواية أن عم نسيم طلب من الإرهابي الدخول من خلال البوابة الإلكترونية. ذهب الإرهابي كما أمره عم نسيم وفجر نفسه.
ترى عندما استيقظ عم نسيم من نومه فى هذا الصباح المشؤوم وذهب إلى عمله كان يعرف انه سوف يتحدث إلى مجرم قاتل؟ عم نسيم تصدي لمصيبة عظمى عندما منع الإرهابي من الدخول. عدد الجثث سيكون أعظم و الدماء أكثر.

فى بعض الدول جثة واحدة كفيلة بتغير حكومة. نقطة دم من مواطن تكون هي الميقات التاريخي لهذه الدولة. فيصبح تاريخ الدولة ما قبل و بعد هذه النقطة. ولكن بالتأكيد هذا ليس الحال لدمائنا.  هل اعتقد عم نسيم أنه بطل عندما مات؟ بطل بالصدفة لم يقصد أن يكون بطل. كان فقط يقوم بتأدية عمله. عندما كان يجلس عم نسيم على الدكة الخشبية التي كان يجلس عليها لسنوات هل كان يفكر فى السعف؟ المسيح؟ المذبح؟ أسبوع الآلام؟ أم أنه قام بذلك ألف مرة ووصل لمرحلة الإيمان الذي يرسم وجهك بابتسامات الرضا؟ لن نعرف أي من هذا لأن عم نسيم كما تقول الرواية قد قتل.

لكن الذي نعرفه جيدًا هو أنه هناك شرير أقنع شاب بأن أقصر طريق للجنة هو الحزام الناسف. لماذا لم "يفكر" الشاب و يسأل نفسه إذا كان الحزام الناسف هو الطريق المؤدي إلى الجنة فلماذا يؤثرني أنا به ولا يقوم هو بتفجيره؟
السّر هنا يكمن فى كلمة "تفكير". تلك الكلمة المسحورة التي تصيب الديكتاتوريات وشيوخ السلاطين بالذعر والرعب المُبين. التفكير حرام.. السؤال .. البحث ..الإعتراض.. الإقناع كلها أبجديات كافرة من عمل الشيطان.

يحكى أنه فى عهد الرئيس الحالي-الذي أتى يمتطي موجات عاتية من التفويض لإنقاذ البلاد والعباد من التشدد الديني الذي كان يدعو له سابقه- قد سجن داعية شاب لأنه تجرأ واستخدم الكلمة المسحورة " التفكير". و يحكى أيضًا أن فى عهد نفس الرئيس قد أحال دكتورة جامعية إلى مجلس تأديب لأنها رقصت فالبلاد تحارب الإرهاب ولا تتحمل سعادة إمرأة رقصت فوق سطح منزلها!

الرئيس الحالي يدعو فى مزحة سخيفة إلى تطوير الخطاب الدينى برعاية البرلمان!

فى مكان قصيّ، لن يسمعه أحد، يصرخ شاب من أعماقه، لابد من تطوير التعليم:
- تنظيف المناهج
- تنظيف المنابر
- تنظيف العقول

سحب داكنة من النفاق المُجتمعي تخيم علي سماء بلادنا التعيسة، فلماذا نستعجب إذن عندما تمطر كراهية ودماء؟ المشكلة قائمة واضحة معرفة و لكن الأغلبية صامتة صمت الأهرامات. بداية حل المشكلة يبدأ بالإيمان فى وجودها. شجاع واحد يشير باللوم إلى السبب الحقيقي إلى ما نحن فيه من بلاء

تجارب قادمة





فجأة ستصبح المتشائم الأكثر تفاؤلًا فى العالم! إنها عادة الإنسان أن يتخيل عالم أحسن مما لديه و أسوأ من الذي يعيش فيه.
قال ساباتو: أن المتشائم هو رجل مثالي خاب أمله. كان قول ساباتو ردًا على تعريف نيشته للمتشائم عندما قال: أنه رجل مثالي مُست كرامته.
فى النهاية ستتحول كل التجارب القادمة لتلال من الرمال تدفن الكنز الأول والتجربة الأصلية التي أصبحت هي المقياس الذي يدمر كل ما يأتي بعدها من تجارب. ينتهى العمر فى منتصف الطريق دون الوصول إلى الكنز دون إستخراجه و تلميعه ووضعه أمامك فى فترينة عرض تبكى عليه!

نظرية فلوبير بخصوص الأسلوب - ممرات الصراخ


إنها الكلمة الملائمة، الطريقة الوحيدة للتعبير بصواب عن الفكرة. لقد كان عليه أن يعثر عليها. لكن كيف عرف أنه توصل إليها؟ قالت له أذنه أن الكلمة "ملائمة" حين "ترن" جيدًا.
هذا هو التوافق التام بين الشكل و المضمون-بين كلمة وفكرة- يتم التعبير عنه فى هرمونية موسيقية. وهكذا كان فلوبير يخضع كل كلمة لامتحان (الصراخ)، فقد كان يتجول و هو يقرأ بأعلي صوته ما كتبه فى إحدي ممرات بيته، سماها " ممرات الصراخ"، هنا كان يقرأ بصوت مرتفع كتابته و أذنه تخبره ما إن نجح أم عليه أن يواصل البحث عن الكلمات و الجُمل إلى أن يبلغ الكمال الفني الذي يبحث عنه بعناد لا هواده فيه.
ماريو فارجاس يوصا عن فلوبير -