إنسان ضئيل السيرة

يأكل ويشرب وينام ويستيقظ ولا يزيد عن ذلك شيئًا. تُصبح الأسئلة والإعتراضات رفاهية بعيدة المنال.
إنه الإنشغل بالوسائل عن الغاية وبالظواهر عن الحقائق لأنهم أرادوا له ذلك. أرادوا له أن يؤمن بأن البقاء حيًا هو الغاية الكبرى. حتى في وسائل تحقيق العدل السياسي والإجتماعي مثل البرلمان والصحافة، هي وسيلة لكنها لا تحقق الغاية. كذلك القوانين والدستور، مكتوبة بطريقة جميلة لكنها لا تحقق أبدًا المرجو منها. 
إنهم يضعونه في سجن ويتجاهلون أنه من يولد في سجن يظل طيلة حياته يخطط للهروب. 

من هاوية الإنتحار

 زميلي مارك يتصل بي للشكوى فقط! 
كنت أظن في البداية أنها مكالمة طارئة والرجل يريد أن يُفضفض، وأن واجبي كزميل له يُحتّم عليّ أن أستمع له. لكن مكالماته الشاكية زادت عن الحد، وأصبح يتصل بي يشتكي من كل شيء وأي شيء حتى ولو كان جيد. لأنه في نظره ليس جيد بما فيه الكفاية.
في آخر مكالمة قبل أن يبدأ، قلت له:
- مارك، يجب أن تذهب إلى البحر
قال لي:
- لماذا؟
قُلت له:

_ لأن البحر هو الوحيد الذي لا يمّل ولا يشتكي من شكاوى الناس! أما أنا، فقد إقتربت ما هاوية الإنتحار! 

اليأس أكبر

 يراودنا الأمل في خجل.. يطرق الباب كسارق يخشى الدخول
مثل فأر مذعور في جحر صغير.. يرفع رأسه وعندما يتأكد أن المكان آمن، يخرج من حُجره
وقبل أن يأخذ خطوة واحدة، تهبط على رأسة مطرقة تقضي عليه ليموت في نفس الجُحر الذي أراد منه الهروب

ميثاق الأحرار وتعهدات الوطن - أمين معلوف



 

 …على وطنك أن يفي إزاءك بعض التعهدات. أن تعتبر فيه مواطنًأ عن حق، وألا تخضع فيه لقمع، أو لتمييز، أو لأشكال من الحرمان بغير وجه حق. ومن واجب وطنك وقياداته أن يكفلوا لك ذلك، وإلا فأنت لا تدين لهم بشئ. لا بالتعلق بالأرض، ولا بتحية العلم.

فالوطن الذي بوسعك أن تعيش فيه مرفوع الرأس، تعطيه كل ما لديك، وتضحي من أجله بالنفيس والغالي، حتى بحياتك، أما الوطن الذي تضطر فيه للعيش مطأطئ الرأس، فلا تعطيه شيئًا. سواء تعلق الأمر بالبلد الذي استقبلك أو ببلدك الأم. فالنبل يستدعي العظمة، واللامبالة تستدعي اللامبالاة، والإزدراء يستدعي الإزدراء. ذلك هو ميثاق الأحرار، ولا أعترف بأي ميثاق آخر.

- أمين معلوف - التائهون