أُمْ العَــوَاجِـزْ

حينها، قفز المخبول من مرقده وهو يطيح برأسه شرقا وغربا
مصر العتيقه منوره بأهلها
لا إسكندريه ولا بورسعيد
ولا فى مدينه فى حسنها
يا ام العواجز والعبير
والعطر فايح
عطفك مغرق الغنى قبل الفقير
والشعر ياسح
مدد ياطاهره يا احلى زهره
مدد ياطاهره يا احلى زهره

ثم يعود فى هدوء ليواصل نعاسه وسكراته المتقطعه . تخبط أمواج البحر الغاضبه الصخور المتراكمه فى ثبات ليتطاير قطرات الماء البارده وتلسع وجه المخبول فيعود الى نفس حالة النشوى الغراميه مع أم العواجز والقاهره القديمه. تجسدت عنصرية أهل الاسكندريه لمدينتهم فى المنديل الأبيض المفروش امام المخبول والذى خلى تماما من أي نقود. لم يعطف احد على المخبول القاهرى الذى هاجر الى مدينة الألوان وأخذ يتغزل فى أم العواجز وهو على بعد خطوات معدوده من المرسى أبو العباس
لم يجد الرجل أمل سوى العوده من حيث أتى. اخذ منديله الفارغ من كل شئ ورجع الى مدينته الرماديه. تلك القاهره التى يرقد بها أهل البيت وأضرحة الشيوخ ويشق النيل شوارع العشاق والمحبين. لعن المخبول أهل الإسكندريه فى سره وعلانيته. وصل القاهره مُضطر غير باغ ولا عاد. فرش منديله أمام ضريح أم العواجز وفى قرارة نفسه تمنى لو وضع المنديل على رأسه التى كادت تحترق من حرارة شمس القاهره، ولكن ما باليد حيله. فرش المنديل نفس سيرته الاولى فى الاسكندريه وأخذ يصرخ:
دا المرسى راقد فى الضريح
والبحر من جلالته نايم
وماريا ريحها يشفى العليل
لو كنت ماشى ولا عايم
شالله يا سيدى
افديك بروحى .. وبدم قلبى وبوريدى
شالله يا سيدى ..شالله ياسيدى

إمتلأ المنديل بالأموال والخيرات من كل نوع، فواكهه عصائر مخبوزات. حتى السجائر لم يخلو المنديل الأبيض منها. كثر المال ولكنه لم يجد فى أي سبيل ينفقه وتنوع الطعام ولكنه لم ينعم به أو يستطعمه. لم تغفل عين المخبول فى النعاس كما تعود فى الإسكندريه. وحتى اذا نام للحظات فلا يوجد مياه البحر البارده لتلسع وجهه وتوقظه يكمل أشعاره وتواشيحه
أخذ المنديل الأبيض ورجع أدراجه الى البحر ومدينته قاصداً السكرات والغفوات المتقطعه وإن خلى المنديل من النقود.

No comments: