تلك المدنيه - الجزء 2

new-york-1

يمكنك قراءة الجزء الأول هنا 
تُسابق السياره أعمدة الإناره المتراصه على جانبى الطريق فى خشوع. وأعود إلى ليلة الوداع الأولى عندما قلت لها أنى سأغيب عام أو عامين على الأكثر وأعود محملاً من الأحلام أثمنها. مرت السنون وأصبح العام أعوام ولا أتذكر من الحلم أى ملامح. شنطة السفر كانت تقف جوارى دليلاً واضحاً على عدم صدق وعودى بالرجوع. تكررت ليالى الوداع بعد أن ألفها الجميع وأصبحت حقيقه ثابته ومستمره. وجودى معهم هو الشيئ الذى أصبح مؤقت. فى البدأ كثر عدد المودعين وراقت كلماتهم العذبه عن الفراق ولوعته والوحشه وما يعتريها من آلام، وبمرور الأيام تلاشت هذه الكلمات وإختفت .
فكرت فى عم محمد، ذلك الرجل العجوز الذى شاركته مسكنه فى البدايه، وتذكرت حكايته عندما ودّع زوجته أول مره قائلاً: متعيطيش يا وفاء. يدوب ثلاث سنين وراجع. عندما قصّ علىّ تلك الروايه كان يتمم عامه الثلاثون فى الغربه! كنا نجلس على مائده من الأسماك الفاخره . كنت أستمع إليه وأستشعر نبرة القهر فى صوته وهو يصف الغربه والفراق وعدم إختياره ما هو فيه. كان مؤمن، مُصلىّ، يخشى زوجته. يأكل من طبق الجمبرى أو الإستاكوزا وبعد كل مضغه يقول بصوت فيه خشوع لا أفهمه: ربنا بيحلى للفقير زاده! لم أعترض على تصوفه أو على ماقاله فى حق الجمبرى والإستاكوزا ووصفهما  بأكل الفقير وهما من ذلك براء. كان لا يساورنى أدنى شك أنه يصلى فى جهره وسره حتى تتحقق المعجزه و يعود .
كنت أحب أن أسمعه  آمالاً أن أتفادى أخطائه أو أن أستفيد من خبرته المنقوشه فى تجاعيد وجهه والشيب المنتشر فى رأسه. حكى لى عن النجاح الملموس فى فيلا الساحل وشقة مصر الجديده وعمارة المهندسين. ولكنى لم أرى أى علامات لهذا النجاح فى روحه التى تقتلها السنين يوم بعد اليوم. هربت من السكن معه بعد تسعة شهور خوفاً من رؤية  مستقبلى فى كلماته. كرهت أن أرانى  أسير على نفس الخطوات التعيسه وكأن من أتى بنا إلى هنا كتب علينا أن نكون نفس الشخص، بنفس الروح المستسلمه والغير قادره على المقاومه. قابلته صدفه وفى يده حفيده. لم أساله عن أي شيئ، ولكن نظرة عينيه المستضعفه أجابتنى بأنه لم يعود بعد، بالعكس لقد أرسل لإحضار زوجته وأولاده . والآن أصبح له حفيدين لم ير أى منهما أرض المنبت. وأصبحت الأسره جميعها حالة مؤقته . تبادلنا أرقام التليفونات والعناوين الجديده وتعاهدنا على مواعيد ولقاءات ومهاتفات لن تتم .
إستعرضت كل هذه الرؤي وأنا خلف عجلة القياده في السيارة . وحيدا أطوف شوارع نيويورك . أنتظر مرور تلك السويعات القليله من الليل لتشرق الشمس آذنه ببدأ حياة أخرى جديده .....
قريباً  الجزء الثالث

أعطنى مسدسك كى أقتلك به

381453e3b6ad772597a50615251434d414f4541

أسر بابلو ورفاقه حراس القصر الأربعة بعد معركه ليست بالهينه وغنم مسدساتهم الحديثه. نظر بابلو الي أحد المسدسات وسأل رفاقه كيف يعمل هذا؟
لم يعرف أى منهم طريقة عمل المسدس فهو غريب عليهم. لم يري أى منهم له شبيه من قبل.
ذهب بابلو إلى الأسرى سائلاً: أرنى كيف يعمل هذا المسدس؟
أجابه أجبنهم: سأعلمك شريطة أن لا تقتلنى: إسحب زر الأمان للخلف بقوه، ثم إضغط على الزناد
فصرخ فى الخائن حارس آخر: كيف تشرح له طريقة عمل المسدس يا أحمق.
فقتلهم بابلو جميعا بمسدسهم بعد أن علمه الجبان كيف يستخدمه
 Ernest Hemingway- For whom the Bell Tolls

مِجاهد إتقتل

مجاهد إتقتل يا دكتور. كان غلبان وفقير ومقطوع من شجره. خلص الجهاديه وكان راجع ياخد الشهادة . كنا متكلمين له علي عواطف بنت عبد الباسط المزيّن و إتفقنا بعد زرعة الغله الجايه، هيشتري لها خلخال دهب وفي حصيدة الأرز هيجيب لها غوشتين قشره ويعقد عليها. أصل مجاهد كان أُجري علي باب الله وربنا بيفتحها عليه في مواسم الزراعة . وكان لما بيجي أجازه من الجهاديه، كان بيسرح في غيط جماعة المنجلي يعلف لهم البهايم وينظف تحتيهم. هم أكابر البلد وكان بيدو له بدل الطاق طاقين عشان يتيم
إمبارح جال لنا بيه كبير ، شكله حكمدار من الجهاديه قال لنا إن مجاهد بقي شهيد ! شهيد إزاي يا دكتور بس. مش النبي وأصحابه ماتوا وكانت الشهادة دي لما يحاربوا الكفار؟ إترجينا البيه الحكمدار يأخذنا نواحيه عشان نستفسروا بنفسنا ليكون غلطان، بس البيه الحكمدار قالنا إنه لازم يمشي عشان هيروح لأهالي ناس تانيه كده زي مجاهد وماكنش عاوز الدنيا تمسي عليه. مجاهد كان بيزرع ويقلع يا دكتور وما كنش بيعرف الألِفْ من كوز الذره. قولي كده انت يا متعلم إزاي عسكري فلاح زي مجاهد يبقي شهيد؟

قالوا عما يحدث في مصر

قال:
إن البرادعي هو الشعره الأخيرة التي تمثل الإنسانية فيما نحن فيه الآن. البرادعي هو من قال: أن الجيش ليس دوله بداخل الدوله ووجب مناقشة ميزانيته. لذلك هو منبوذ وغريب فإذا لم تتفق معي؟ فكيف تفسر مهاجمته علي صفحات الجرائد القوميه التي تمثل الحكومة التي يشغل البرادعي فيها نائب رئيس الجمهورية !

قال:
غباء الإخوان علم البسطاء السياسه. أنا مش متعلم مثلكم، ولكن غباؤوهم جعلني أطلع وأقرأ مُضطراً حتي أعرف

قال:
سيحكمنا عسكري!

قال:
لن يحكمنا رجل دين أو عسكري. تذكر ذلك جيداً

قال:
من في رابعة هم نوع من أنواع السرطان. إذا لم يتم علاجه وإستئصاله، سينتشر ويصير المرض عقيم

أربعة من الجلوس، كانت نغمة هواتفهم المحمولة " ملحمة مصطفي كامل : تسلم الأيادي "
لم أنطق بحرف، فقبل شهور مضت لم ينطق أي من هؤلاء بحرف عن شيئ آخر سوي نهاد النسوان وعجائزهن.الآن قد إختلف الأمر