الّدمُ فى الطُرقاتِ أحَمرْ، لمْ يغّمق لَونُه بَعدْ

كثرت تعريفات الفلاسفة والعلماء للذكاء. البعض قال أنه القدرات العقلية المتعلقة بالقدرة على التحليل والتخيط وحل المشكلات، والبعض قال أنه القدرة على تنسيق الأفكار وسرعة التعلم. ولكن التعريف الأقرب إلى قلبى هو ما قاله سيجموند فرويد أنالذكاء هو القدرة على ربط العلاقة بين الأشياء. نفس الفلاسفة ونفس العلماء إحتاروا فى إيجاد الفروق بين الإنسان والحيوان. هناك من قال العقل، وهناك من قال اللسان، لكن أحمد بهاء الدين قال فرق آخر وهو أيضا الأقرب إلى قلبى . قال أن الإنسان حيوان ذو تاريخ، يقرأه ويتعلم من أخطائه. إذن التاريخ والتعلم من تجارب الأخرين والعلاقة بين الماضى والمستقبل والربط بينهما هو تعريف الإنسان -وليس الحيوان- الذكى.
هل لدى السيسى القدرة للربط بين الأشياء والأحداث التى أتت به إلى تلك المرحلة من حياته؟ هل قرأ السيسى التاريخ وتعلم منه؟ والتاريخ الذى أقصده هنا ليس تاريخ الفراعنة أو التاريخ الرومانى، ولكنى أقصد التاريخ الجديد ذو الثلاثة أعوام. التاريخ الذى مازال دمه على الطرقات أحمر لم يغمق لونه بعد. بغض النظر عن الإجابة عن السؤالين السابقين، لابد أن نعرف أن السيسى ورجالة يعرفون ما يقومون به جيدا.ألا وهو بناء دولة مبارك ولكن على أثاث الشعبية الجارفة التى صنعها وإكتسبها السيسى لأسباب عديدة.
الإنتخابات ما هى إلا شكليات لابد منها محاولات لمحو كلمة إنقلاب من أفكار الغرب. الجميع يعلم أنه الرئيس القادم وبإكتساح حتى وإن لم يكن له برنامج إنتخابى واضح، ظاهر المعالم و الخطوات. نعم إنه الرئيس الذى سيفوز بنسة رهيبة دون الحاجه إلى برنامج إنتخابى. إذا تابعت لقاءات الرئيس القادم ستجد أن يتحدث بثقة ليس مصدرها الخبرة السياسية أو العلم بالأمور الإقتصادية ، ولكن الثقة هنا مصدرها التفويض الذى فوضة جموع الشعب. أتذكر هنا مقولة الفنجرى الشهيره : ورصيدنا لديكم يسمح! إذا كان مجلس طنطاوى العسكرى بكل إرتكبه من مصائب ظّن بأن رصيده لدينا يسمح؟ فمابلك بالسيسى الذى كُتبت فى حبه الأغانى والأشعار والكتب والأفلام التسجيلية، ورقصت وغمزت من أجله النساء؟
الأمن الطائش الظالم لن يخلق غير أجيال مليئة بالكراهية والعنف وحُب الإنتقام. الإعلام الفاسد الموجه الذى يملأ الأفق بالأكاذيب والقصص الملفقة، لن يصنع سوى ديكتاتور تُخلق من أجله الأعذار وتُسّبب الأسباب. قال صديق تملأ ضحكاته الإنهزامية:  نحن شعب تعود على الجوعوأصبحنا أصدقاء، ولكننا لم نتعود بعد على الإستسلام للضرب على القفا والإهانة. لم يثور الشعب يوما من الجوع، ولكنه ثار على البطش والقهر. إنه التاريخ يا عزيزى الذى سوف يكفر بما نكتب الآن.

No comments: