زوجًا من الأحذية هو أكثر نفعًا من شكسبير كله



Image result for أرنستو ساباتو

قال الكاتب الأرجنتيني أرنستو ساباتو:
" أنه فى زمن الانقلابات الكبرى يكون الفنان أو الإعلامي أو المثقف الحقيقي عمومًا متمرد تراه الدولة خطرًا يجب إزالته. الدولة ترى أن الفنان وظيفته خدمة مصالحها. مثلًا لقد ثمّن الفيلسوف الصيني كونفوشيوس الفن على قدرة خدمته للدولة. أي أن الفن الذي لا يخدم الدولة لا قيمة له. ولم يسمح أفلاطون إلا للشعر بتمجيد الأبطال الآلهة وفي الدولة منع أي نشاط فني لا يكون ذا نفع لعموم الناس! 
نحن إذن لا نستغرب أحوال التطرف التي نشأت فى روسيا. وكان روسو قد أتهم الفن بالفساد وبعدها يطالب سان-جيس بأن يتجسد العقل في الشخص الفاضل وليس الشخص الجميل. وكنسّت الثورة الفن بينما لم تنجب أي كاتب هام حيث أرسلت إلى المقصلة الشاعر الوحيد للعصر في حين كانت المسارح تقدم أعمالا مبتذلة مثل (الزوج الجمهوري) أو (المرأة الجمهورية). وطالب أنصار سان سيمون بفن (مفيدًا اجتماعيا). وتقدميو العالم كله مازالوا يطالبون العمل الفني بخدمة تطور البشرية وتقدمها حتى أن الحال وصلت إلى الحد الذي اعتبر فيه الفوضويون الروس زوجًا من الأحذية هو أكثر نفعًا من شكسبير كله"

لورانس داريل عن هنري ميللر





قال لورانس داريل فى حوار له عن هنري ميللر:
"إذا صح القول هنري ميللر من اخترعني. لقد منحني الشجاعة كي أواصل الحياة. لم يكن لدي أصدقاء ولم أحب والديّ كثيرًا وعائلتي لأنهم لم يكونوا يهتمون بالأدب ولن يستطيعوا فهمي فى هذا المجال وعندما ننطلق فى مغامرة الكتابة مع الرغبة في إنجاز عمل أصيل، غياب أصدقاء للبوح قد يكون قاتلا.  تعرف قصة اكتشافي لمدار السرطان لميللر. حدث هذا فى كورفو. بعض السياح وجدوا هذا الكتاب مقزز بحيث انهم القوا به فى المراحيض العمومية فى يوم ذهبت لقضاء حاجتي فالتقطت الكتاب .كان علىّ أن أنظفه اولا ثم قرأته فأسرني كليا. فسألت نفسي من هو هذا الحيوان الذي ألف هذا الكتاب الرائع. أرسلت رسالة الكاتب فى محاولة لمعرفة المزيد. وكم كانت دهشتي كبيرة حين توصلت بالجواب. كان هذا بداية صداقة كبيرة علاقة مليئة بالحرارة والسخاء تستجيب بالتمام لضروراتي كفنان. هنري وأنانييس نين حولا جذريا طبيعتي الثقافية كنت قد زرتهما في باريس فنلت هناك امتياز مشاركتهما حياتهما. عندما أفكر فى ذلك اليوم أيضا لا أصدق نفسي. كانت ضربة حظ مستحيلة. لقد منحاني الشجاعة لكي أباشر الرباعية. ماذا كنت سأفعل لولا هذا اللقاء. دون شك كنت سأكتب قصصا صغيرة جدا ورديئة وبلا معنى كليا. نعم معاشرة هنري ميللر وأنانيس نن كانت بالنسبة لي نعمة مباركة

سؤال صعب جدًا



أعرف جيدًا أن الأسئلة مؤلمة، ولكل سؤال إجابتان، الإجابة الحقيقية والإجابة الأخرى التي يترجاها صاحب السؤال. وهناك طبعًا أسئلة تطير في مكانٍ مسحور تنتظر حدوث المعجزة وأن نجد لها إجابة شافية ترضي الطرفين. لذلك كانت حروفي قليلة ليس لي وراءها من غاية سوى تلك المجاملة التي نقوم بها عندما نلتقي الماضي كله متجسدًا أمامك. أتذكر جيدًا أن سؤالي لم يكن بكل هذه الصعوبة، مجرد كلمتين وعلامة استفهام التقيتُها صُدفة دون ميعاد لأن - كما علمتنا الحياة - وعود اللقاء دائمًا ناقصة، كثيرًا ما نتبادل العناوين وأرقام التليفونات للترتيب للقاءات نعلم مسبقًا أنها لن تحدث. بعد السلامات وإبداء أشواق فاترة وابتسامات مؤقتة تتأرجح بين المجاملة والرغبة في الهروب، سألتها: - عامله ايه؟ توقعت أن تستخدم الإجابة السهلة المستهلكة التي نسوقها دائمًأ عند الكذب وهي: " الحمد لله. كل شيء على مايرام" لكنها لم تنطق بحرف. هبط علينا صمت مُطلق ونحن نتأمل ضوضاء المدينة التي تحيطنا من كل اتجاه. بدت كأنها تستحضر أبجديات مُستعصية من لغةٍ ميتةٍ لا تجيدها. فجأة، انفرجت أساريرها ورسمت على وجهها ابتسامة لا تُفسّر نبرة صوتها وهي تُجيبينى كمن ظفر بنصرٍ مبين: - عايشه فعل "العيش" في هذه المرحلة هو انتصار يستحق الاحتفال به. لا يهم كيفية العيش ولكنها النجاة. زفير وشهيق وأنفاس يرسم بخارها عدد الدقائق والأيام التي سوف تُشكّل التاريخ المكتوب على شاهد القبر، هنا عاش فلان الفلاني من سنة كذا لسنة كذا. لن يُكتب أبدًا كيف عاش!