هذه الأيام

تلفظ هذه الأيام أسافل الناس إلى المقدمة. في القاع، لا يوجد موقع لقدم.
كنا نقول عن ماضٍ قريب: لن يكون هناك زمنًا أسوأ مما نحن فيه (حينها). والآن يُرينا الزمان عجائب قدرته، يخرج لنا لسانه في تحدِ صبياني غير متكافئ.
مثل عفريت العلبة، نُخرج رؤوسنا طمعًا في شهيق من الهواء النقي، وقبل أن يخرج الزفير من صدورنا، تهبط على أدمغتنا مطرقة مهولة تعيدنا مرة أخرى إلى القاع.
تجسّدت المطرقة في أشكال مختلفة: لقاءات تأجلت، ندم شيّدته التأجيلات، كلمات هربت قبل أن نقولها، فعل ولا فعل، لا مبالاة على خسائر لا يمكن حسابها، يترصد الناس بعضهم بعض لأدنى هفوة، نحتكر رحمة الإله ونوزعها على أهوائنا 
نألف القاع الخالي من الهواء، ننتظر أحداث لن يكون لنا رأي في صياغتها، فقدنا أصدقاء لأسباب مختلفة، نرى العالم ينتهي-والزمان يدوس علينا بحذائه القذر- دون فرصة لوداع من نحب
إذا كان الموت في مجملة (انقطاع)، فبالتأكيد حياة هذه الأيام هي شكل آخر من أشكال الموت.

No comments: