(..عندما أصدرنا البيان الذى وقعه العشرات من كتاب مصر اللامعين والذى يؤيد حركة الطلاب فى عام ١٩٧٣ - لم يكن هذا البيان إلا أدنى مساهمة يمكن أن يكفر بها هؤلاء الكتاب عن مسيرتهم الطويلة فى الدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه، وكانت فرصتهم الأخيرة للحاق بالوعى الزاحف بين شباب هذا الوطن.
أنا لم أوقع هذا البيان لأن الذى وقعه هو نجيب محفوظ أو توفيق الحكيم أو لويس عوض، لكنني وقعته لأن هذا هو الحد الأدنى المشترك بيني كشاب وبين هذا الجيل من الكتاب الذى لا أستطيع أن أطالبه لأسباب عديدة بأكثر من هذا . لكن الإجراءات العصيبة التي وجه بها هؤلاء الكتاب جعلت كثيرا منهم يتراجعون، لقد أضيرت المصالح المادية لكثيرين منهم كما فقد الكثيرون وظائفهم في نفس الوقت الذى انكشفت فيه مظلة حماس الجماهير عن رؤوسهم - لكن أكثرهم ذعرا هو أكثرهم انضباطا. «بالمعنى الاجتماعي» ومن هنا فإن كاتبا مثل نجيب محفوظ كتب وصاياه العشر التي لا تعدو أو تكون تعليمات عن إدارة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة. أو نشرة صادرة عن قيادة الدفاع المدني إن نجيب محفوظ هنا لم يكن ابنا لأرضه أو مبادئه. من حق نجيب محفوظ أن يتراجع ومن حقه أن يؤيد السلطة لكن ليس بهذه الدرجة من التهافت الذى لا يليق باسمه ومكانه.
إن دخل نجيب محفوظ المادي كبير لكنه يطمع في المزيد عن طريق السينما والتليفزيون والإذاعة ومن هنا فإن قرار مثل قرار منعه من التعامل مع هذه الأجهزة هو الذى جعله يسارع بالركوع. هذا هو كعب أخيل فى نجيب محفوظ، لكنني شخصيًا أحترم الضعف البشرى ولا أحترم ضعفًا من هكذا النوع وبصفة شخصية أيضًا فإنني منذ كتابة نجيب محفوظ لوصاياه العشر أرفض أن أجالسه وأرفض حتى أن أحييه، فهو في نظري لا يستحق حتى الرثاء..)
No comments:
Post a Comment