ألف باء حملات إنتخابية " فرصة اليوم الواحد"

نشر فى موقع راديو حُريتنا 
 "١"
الهدف الأساسي من هذة المقالات هو إلقاء الضوء على تعريف الحملات الانتخابية في شكل مُبسط والتقديم لبداية هذه الصناعة التي بدأت تزدهر في الخمسينات، حتى حملة أوباما ٢٠٠٨.
أولا؛ ماهو تعريف الحملات السياسية "الانتخابية":
الحملة السياسية في الأساس هى حملة تسويقية بها العديد من البحوث الأكاديمية والنظرية التي يمكن قياسها.
 لديك تقريباً مدة عام لإيجاد المُنتج "المرشح" وإختبار هذا المنتج، إنشاء شعار للمنتج "رسالة إعلان الحملة" ومن ثم تقديم هذا المُنتج "المرشح" إلى الجمهور بطريقة بها أكبر قدر من الإبداع.
على عكس المنتجات المألوفة مثل السيارات والملابس، المرشح الإنتخابي لدية يوم واحد فقط حتى يُباع فيه، وهو يوم الإنتخابات. في هذا اليوم، إما أن يقوم الناخبون بشراء هذا المُنتج "المُرشح" أم لا. إنها فرصة اليوم الواحد. ويجب على المُرشح وحملتة الانتخابية بإقناع الجمهور بشراء هذا المنتج.
هناك قصة انتشرت في واشنطن أوائل التسعينات، تقول القصة أن نجم الرئيس السابق بيل كلينتون بدأ في البزوغ في الأروقة السياسية لواشنطن، وأنه كان يدخل غرفة بها ٣٠٠ فرد، ووهو يعرف جيدا أن ٢٩٩ فرد من الحضور يؤمنون بأفكاره وينصارون ما يدعو إليه ولكن كلينتون كان يقضى الليلة كلها محاولا إقناع هذا الشخص الرافض لأفكارة حتى يغير رأية وينضم الى ال ٢٩٩.
هذه القصة تدل على أن كلينتون سيظل أعظم مرشح إنتخابى "مُنتج" في تاريخ أمريكا على مدار الخمسين عام الماضية، وأن صوت واحد له نفسة أهمية ٢٩٩ صوت.
تطورت الحملات الإنتخابية تطورًا سريع في الخمسين عام الماضية، ومع تطور العلم والتكنولوجيا، أصبحت الحملات إنتخابية صناعة يصرف علىها ملايين الدولارات. هناك العديد من الكُتب والأبحات التي كتبت عن الحملات السياسية. ولبندأ بنبذة بسيطة عن مراحل  هذا التطور.
١٩٥٠  إلى ١٩٧٠ مرحلة العلاقات الشخصية 
في هذه المرحلة، كان هناك القليل من الأبحاث والعلوم السياسية. كان العمل في الحملات الانتخابية عمل متقطع يعتمد على العلاقات الشخصية. مع حملة الرئيس جون كنيدى ١٩٦٠، ظهرت تكنولوجيا الإقتراع الحديثة وبدأ الكلام عن إستراتيجية الانتخابات.
١٩٧٠ إلى ١٩٨٠ مرحلة الإحتراف 
تم إصدار قانون الحملات الانتخابية الأمريكى سنة ١٩٧٤، ومع إصدار هذا القانون تم إنشاء جمعية المستشاريين السياسين الأمريكية "AAPC" وعندها تغيرت صورة الإنتخابات الأمريكية نوعا ما، وبدأ دخول مصطلحات جديدة مثل "مدير الحملة الإنتخابية" .
١٩٨٠ إلى ١٩٩٠ مرحلة سقوط الأحزاب
في هذه الفترة، فشلت الأحزاب في القيام بدورها في تغير البيئة التكنولوجية والاجتماعية للانتخابات. وكان ذلك الفشل من أهم أسباب ظهور العديد من الألقاب الجديدة بالإضافة إلى مدير الحملة، كان هناك المستشار السياسي والإعلامى وغيرها من الألقاب التىب بدأت تدخل قاموس صناعة الانتخابات الأمريكية. وكان أهم دور لهؤلاء المستشارين هو إقتراح تكنولوجيا وخطط جديدة غير تقليدية كالتي تقدمها الأحزاب.
١٩٩٠ إلى ٢٠٠٠ مرحلة المشاهير من مديرى الحملات الإنتخابية 
في هذة الفترة، خرج مديرو الحملات الإنتخابية من المقاعد الخلفية وأصبحوا من المشاهير. إحتلو البرامج التلفزيونيه يحللون ويشرحون الصناعة الجديدة. كان بعضهم يعمل مع مشرح، ولكن مديري الحملة كان يستغل الأضواء للإعلان عن نفسه هو الآخر وعن ما يقوم به مكتبة من خدمات. كان يعلم أن المرشح الذي يعمل معه هو مرشح مؤقت تنتهي علاقاتهما بعد إنتهاء الإنتخابات.
من أشهر مديرى الحملات الإنتخابية فى تاريخ أمريكا كان فريق بيل كلينتون: جورج إستفانوبولوس وجيمس كارفيل.
قصة أخرى كان بطلها بيل كلينتون وتناولتها الصحف الأمريكية أيان حملتة الإنتخابية الاولى عندما صرخ كلينتون فى كبار مساعديه قائلا: أنا لا أريد أن أقرأ كل يوم عنك فى الجرائد! لقد مللت أن مديرى حملتى الإنتخابية يزداد شهرة على حسابى، كل يوم قصة جديدة فى التلفزيون والأعلام تأخذ من فرصتى أنا في النجاح.
٢٠٠٠ إلى ٢٠١٠ مرحلة العصر الذهبى للحملات الإنتخابية
وهذة هى الفترة التي سيكون معظم كلامنا عنها. وسوف نقارن بين الحملات الانتخابية الموجودة في مصر وبين حملات انتخابية أخرى مثل حملة أوباما ٢٠٠٨ التي تربعت على عرش هذة الصناعة، ليس فقط لضربها الرقم القياسي في التبرعات المالية ولكن لأنها قامت بتقديم الوسائل العديدة في الوصول إلى الناخب وجعلة شريكًا في الحملة وله صوت مسموع قبل أصوات الإقتراع.
---------------------------
في المقالة القادمة سوف نتحدث عن رسالة الحملة، وكيف يتم اختيارها.؟، والظروف التي تؤدى إلى تغير هذه الرسالة

هّلْ أْتَاكَ حَدِيثُ اّلسَعَادَةِ؟

هل انت سعيد
سؤال رقم واحد: هل أنت سعيد؟
كس أم السؤال الصراحة! طيب ممكن أنت تشرح لى تعريف السعادة الأول، أو تضع لها الشروط والمواصفات وأنا هاشوف إذا كانت التعريف والشروط ها ينطبق علىّ ولا لأ؟عظمة السعادة يا سيدى الفاضل تتجسد فى النسبية بتاعتها. الموضوع نسبى بمعنى أن مفيش حد سعيد سعادة مطلقة، وبرضة مفيش حد تعيس تعاسة على نفس المستوى. ممكن سعادة الرجل اللى قاعد هناك ده، تكون تعاسة بالنسبة للست اللى قاعدة على الطاولة اللى هناك. والسعادة عموما، عمرها ما تيجى جملة أو شرّوه واحدة. ولكنها تانتيش. موقف هنا، لحظة هناك وكلما زادت التناتيش دى، زادت الرقعة السعيدة فى حياتك التعيسة. تعريف السعادة عموما سؤال فلسفى بضين جدا وملوش إجابة محددة. وأنت عاوزنى أجاوب بالنفى أو الإيجاب وده طبعاً مستحيل
أنت عارف السؤال ده فكرنى بقصة كتبتها ولم تنشر بعد إسمها الأول " العفريتة التعيسة". القصة بإختصار عن عفريتة طفح بيها الكيل وشافت المرار من جنس البشر ومن تحيقيق مطالبهم الغبية اللى كان معظمها يا إما فلوس، يا نسوان، يا قوة وسلطة. العفريتة هربت من البشر فى جراج مهجور، لحد ما لقاها واحد وطبعا قالت له شُبيك لُبيك طلباتك إيه.فا صحابنا عمل فيها فيلسوف عصره وقال لها طلبى الأول : أن يعُم السلام على الأرض وتنتهى كل الحروب، طبعا العفريتة كانت هتشخر له. وقالت له يعنى يا كس أمك جميع الأديان السماوية والغير سماوية والآلهة والأصنام والشيوخ والقساوسة والقرابين فشلت إنها تخلق سلام على الأرض وأنت جاى لى أنا عشان أحقق لك السلام ده؟  أهو السؤال بتاع السعادة بتاعك ده بالظبط عامل زى طلب السلام على الأرض، مياصة فلسفية لا تسمن ولا تغنى من جوع..

والدخان الأزرق يضاجع فضاء الغرف

photo

فى الأفق، كانت هناك أمّنية، وترحاب، ورجاء موصول بدخان أزرق من سيجارة أوشكت على النفاذ فى منفضة نحاسية، وكأس به قليل من رخيص الخمر على منضدة ذات ثلاث أرجل. شباك مسكور تدخل منه أشعة الشمس التى تخلق من ذرات التراب خط مستقيم يقسم الغرفة إلى نصفين. يرقد ناظرا إلى نقطة مجهولة فى نشع السقف، فتهرب الأمانى ويتحول الترحاب إلى جفاء والوصل إلى قطيعة وتنتصر خيبة الأمل على الرجاء. ينهض قاصدا ماء الصنبور الصدأ فلا يجد. الهواء ملوث، الخمر رخيص، والدخان الأزرق يضاجع فضاء الغرفة فيرسم أشباح قبيحة تهجم عليه وتقتله.

وسألتها ، ماذا عن المدينة والناس؟

نُشرت فى بوابة يناير هنا


» رأفت رحيم يكتب سألتها.. ماذا عن المدينة والناس  »بوابة يناير (1)

نظرت خارج الشباك، وإكتشفت أن الليل قد أمسى وإنتصف منذ فترة. لم أر أحداً فى المكتب سواى. الأنوار جميعها كانت مظلمه إلا من شاشة جهاز الكمبيوتر الذى أجلس أمامه. عاملة النظافه التى تقوم بتنظيف المكتب ليلاً رمقتنى بنظرة شفقه. إبتسمت إليها إبتسامة مفادها أن الوضع ليس بهذا السوء. وأن لى خارج حدود هذه الجدران حياة. ربما لم تكن هى الحقيقة كاملة ولكن هذا ما رغبت فى أن تفهمه من إبتسامتى. لعنتها فى سرى وأخذت حقيبتى وتمنيت لها ليلة سعيدة وأنا أغادر المكان.
نزلت من المكتب تستقبلنى رياح يناير البارده لتذكرنى بأنى قد نسيت معطفى على الكرسى. تجاهلت البرد. أخرجت سيجاره وأشعلتها ووقفت بضغة دقائق أناظر نفسى إذا كان يجب العودة إلى المكتب لإحضار المعطف أم لا. إنتصرت على أفكار العودة مع آخر نفس من السيجارة وبدأت السير. دائماً وأبداً أنتصر على أفكار العودة، العودة إلى المعطف أو إلى من فارفت أو العودة إلى تلك الأرض القديمة التى أعشق ساكينيها. إنتصارات صغيره غير ذات قيمة ولكنها فى النهاية إنتصارات فى سجل التاريخ الحافل بالهزائم.
جلست على طاوله فى مقهى فى قلب الميدان الشهير. أراقب الظلام الذى خيم على الكون. الثلث الأخير من الليل دائماً أكثر ظلاماً ووحشة. إعلانات كهربائيه ضخمه تجعل الظلام نهار مُلوّن لبضع ثوانى. إشارات المرور تتغير ببطئ من الأحمر إلى الأصفر إلى الأخضر. فى ركن من أركان الميدان جلس عازف كمانجه عجوز يلعب لحن حزين. لا أعرف اللحن تحديدا، ربما لم يكن حزين ولكن الكمانجة بالنسة لى عموماً هى رمز من رموز الحزن مهما كانت سعادة النغم. سيارات التاكسى تمر بهدوء، وكذلك فتايات الليل يسرن فرادى وأزواجاً باحثات عن ذبون الليل اليائس.

راقبت فتاة جميلة حزينة الحُسن تمشى أمام مجلسى، تبتعد فى الشارع وتعود وتغيب أحياناً عن مرمى بصرى. راقبت فتاة أخرى تدخن بشراهة. ثم عادة الحسناء مرة أخرى وإلتقت نظراتنا. أقتربت وجلست على الطاوله دون أن تنتظر دعوتى لها. جميلة حقاً عن قرب.  سألتها: ماذا تشربين؟
قالت بدون تردد: ويسكى!
قلت لها: لا أعتقد أن هذا المكان يقوم بتقديم الخمور فى هذا الوقت.
قالت: فلنذهب إذن لمن يقوم بتقديم الخمور فى أى وقت.
قلت: أعتقد أنك صغيره على الشراب فى كل الأحوال. ماذا عن عشاء وبعض من القهوه.
لم أجد سبب مقنع لدعوتى لها إلى العشاء سوى أننى أفتقد تناول الطعام مع بشر. تعودت أن آكل بمفردى لشهور. أكلت هى  بنهم شديد كأنها لم تأكل منذ فترة. سألتها عن المدينة . أجابت على الفور: إنها مدينة قذرة رغم نظافة شوارعها.
وماذا عن الناس؟
أجابت بفلسفة الشارع النابعة من قسوة خبرة التعامل مع البشر وليست من رفاهية قراءة الكتب: كيف تكون المدينة قذرة بدون الناس الذين يتسببون فى هذه القذارة!
ثم سألتنى : وماذا عنك؟ كيف حال المدينة والناس؟ لم أجد إجابة للسؤال. إكتشفت أن بساطة السؤال لا تعنى بالضرورة سهولة الإجابة. لم أعرف كيف أبدأ أو من أين أجيب وأقص عليها الحكاية. المقدمات والأسباب والأعذار. ولكنى فعلت ما أجيده تماماً فى تلك المواقف وهو الهروب.
نهضت من مقعدى وضعت حساب الطعام على الطاوله والمزيد لصحبتها وقلت لها لابد أن تبحثى عن عمل آخر. وإنصرفت
مضت الايام التالية رتيبة كليالى الشتاء الطويلة. حاولت أن أرتب إجابة السؤال السهل الصعب وعندما شعرت ببعض من الرضا عن ما سوف أسوقه إليها، ذهبت إلى المقهى وجلست على نفس الطاوله ولكنى لم أراها. كررت الزيارة مرات عديده فى مواعيد مختلفه ولكنها إختفت. ربما أخذت بنصيحتى ووجدت وظيفة أخرى وربما كانت هذة علامة من السماء بأن إجاباتى لازلت غير مقنعه.