على مقربة من شاطئ البحر، هناك شارع ضيق، كصدر حرج مملوء الهمــوم. فى مُدخله ضريح لاحد الاولياء. دُهنت جوانب ونوافذ الضريح بلون عجيب يتحول إلى الأزرق عندما تلمسه اضواء الشموع التى تضئ الضريح فى المساء. وفى نهاية الشارع بيت مهجور. لايعرف اهل الشارع قصة البيت المهجور و ماهي الاسباب وراء قُدسية الضريح. وفى منتصف الشارع مقهى صغير خارجه كرسين وطاوله قديمه عمرها من عمر صاحب المقهى الذى لم يعد يرى غير ما احبته عينيه ويسمع ما تهوي نفسه
يجلس الشاب الأسمر على المقهى مترقباً وكانه فى إنتظار نبى منتظر. يسرق نظرات الى الضريح والى البيت المهجور. ويكتب فى كراسته كلمات بعد كل نظره مختلسه. آمن أهل الشارع بأنه مجنون وأن ضريح الولى قد مسه بسوء. يقضى الشاب يومه على المقهى حالما بما لايعرفه غيره. قدمت كُراسته وتآكلت جلداتها ولكنه مازال متمسكاً بأمل مجهول
وفى صباح يوم جميل، تحضن شمسه السماوات والامواج هادئه نائمه فى بحرها وكانها طفل وديع رضع وشبع وإطمأن ونام، رأى أهل الشارع سيارة صغيره تقترب من المنزل المهجور يخرج منها فتاة كضوء البدر فى ليلة التمام انكسرت اضواء الشمس انحناء لجمالها. تهادت الفتاة فى خطواتها كانها تمشى على سراط مستقيم لا تحيد عنه مقدار ذره
قفز الشاب من مقعدة وقفز معة العجوز الذى سبه ولعنه فى سره. إنشرح صدر الشاب وإنفرجت اساريره وكانه بلغ الجنان الموعوده
سأله الرجل مابك يا مجنون ؟
رد عليه الشاب قارئا من كراسته المتهالكه : أنها هي يا عم جاد . أنها هي بشحمها ودمها
تعجب العجوز ومنع نفسه من صفع الشاب علي وجه وقال له : ومن هي ؟ وكيف تأكدت من ذلك؟
قرأ الشاب من كراسته : أنها بائعة الأحلام ! بائعه الأحلام التي حدثني عنها الولي في ضريحه ! زادت رغبة عم جاد في صفع الشاب علي وجه ولكنه فضل ان يعود مكانه من غير سوء
استمر الشاب في قراءته
هي صاحبه اللمسات السحريه والبركات العلويه . وهي من خلفّها الولي في ضريحه ومُلكه . هي من تبيع الحلم بغير سعر ولا رمز
تمتم عم جاد بكلمات غبر مفهومة باطنها فيه اللعنه وظاهرها فيه العذاب
لم يهتم الشاب بما قاله الرجل العجوز ولكنه هرول إلي الضريح يخبره بقدوم بائعة الأحلام وانه قد صدق الرؤيا
وفي المساء ، ذهب الشاب إلي البيت المهجور للقاء بائعة الأحلام . طرق بابه مرات لكن دون جدوي أو مُجيب
رجع الشاب إلي المقهي وعلي رأسه أحزان الكون . ماذا جرى ؟ أين ذهبت بائعة الاحلام؟ وماذا حدث لكلام الولى الذى اذا حدّث صدق؟
نظر عم جاد الى الشاب الذى تاه فى بحر من الاسئله المستحيله وقال له
يابنى .. لقد ضلت الفتاة العنوان وعادت حيث اتت و سيظل هذا البيت مهجور. لا تصدق ما تشعر به عندما تذهب لزيارة الضريح فنحن لا نعرف صاحبه ولما هذا الضريح مكان مقدس. لا توجد أحلام ولا يوجد بائعة لها. إنها الدنيا واقع وأرقام وحسابات وكل ما تستطع كتابته
آمن الشاب بكــلام عم جاد ..وترك كُراسته على الطاوله وغادر المقهى قاسما بأغلظ الأيمان بأن لا يعــــــود
No comments:
Post a Comment