سيطر الدخان الأزرق على الأجواء و أصبحت كلمته هى العليا. لا أحد يعرف مصدر الدخان الحقيقى. أهو البخور أم الحشيش الذى يتم حرقه على إستحياء؟ أم اختلطا الاثنين معاً لخلق هذا الوقت المسحور. أصبحت الرؤيا مستحليه فى تلك الغرفه الضيقه كضيق صدر يعج بالهموم و الأوجاع.
صوت رخيم يأتى من مؤخرة الغرفه " وحدووووووووووه" " حى ..حى ..الله حى ". يلبى من بالغرفه نداء الصوت الرخيم "حى ..حى ..الله حى ". ترتعش جدران الغرفه ارتعاشه عذراء لحظة التخلص من عذريتها
ترتفع أصوات المنشدين لتعلو و تنتصر على أصوات إيقاع الطبول التى يضربها بعنف شاب نحيف أسمر. جلس على الأرض ووضع الطبول على حجره وألقى بظهره الى الحائط الأبيض و استمر فى ضرب الطبول بدون هدف مقصود سوى إخراج اصوات وايقاعات مضطربه. لم يهتم الشاب بما يدور حوله فقد اغمض عينيه واستسلمت روحه للدخان الازرق واستمرت يديه فى ضرب الطبول دون ملل أو شكوى
و يتوقف الجميع .. لا صوت لا حركه .. عندما تدخل إمرأه قبيحة المنظر رثة الثياب حاملة بعض من الطعام على صنيه نحاسيه مستديره. تصرخ المرأه بصوت مُخيف على وتيره ثابته:
أَكْلْ المُحِبْ الدَليِل عْ العِشْق و المَعْشُوقْ
رَزّاقْ كَرِيم فِى السَما ..و تَحْت الحَجْر مَرْزُوقْ
أَكْلْ المُحِبْ الدَليِل عْ العِشْق و المَعْشُوقْ
رَزّاقْ كَرِيم فِى السَما ..و تَحْت الحَجْر مَرْزُوقْ
تضع المرأه صنية الطعام وسط الغرفه و تختفي عن الأنظار كحلم قصير عزّ عن البقاء .يجتمع المنشدون حول الطعام في شكل دائري.. يأكل الجميع فى هدوء و سكينه وكأن سحابة سلام قد غمرت الجميع لا صوت يعلو غير صوت الافواه وهى تمضغ الطعام بتلذذ .يعود الصوت الرخيم في الأفق " حي .. حي .. الله حي" آمراً الجميع بالكفْ عن الطعام الدنيويّ والعودة الي غذاء الروح. يأخذ الشاب الأسمر موضعه من الطبول.. يزداد الإيقاع سرعة.. و تزداد الهتافات حماسه و يحكم الدخان الأزرق من قبضته علي الموقف
No comments:
Post a Comment