غادرت القطار و على وجهى إبتسامه وقلب مفعم بالإشتياق والحيرة والفضول الإنسانى. ثلاث ساعات كانت عُمر الرحلة من الإسكندريه إلى القاهره. لم أشعر بالثلاث ساعات فلقد مضت وكانها ثلاث دقائق. بدأت الرحله عندما جلست فى مقعدى قاصداً القاهره الرماديه. تلك المدينه الخاليه من البهجة و الألوان. و إن لم يكن بها عزيز لدى، ما وطأت قدمايا شوارعها البارده
جلست هى فى مقعد مجاور، تدل البشره الخمريه على نشأتها السكندريه، ولم يكن لون البشره هو دليلى الوحيد ولكنها الأرواح عندما يترك البحر فيها آثار وعلامات وألغاز غامضه لا يقرأها غير من تعود عليها و جربها . غطت نظاره شمسيه كبيره معظم قسمات وجهها الصغير. القت بظهرها على مقعدها ونظرت الى سقف القطار وكأنها تريد نسيان أو تذّكُر شئ ما فى الإسكندريه. بدأ القطار فى الحركه و تشبثت هى بمسند المقعد راغبة فى منع القطار من مغادرة المحطه ! لم تستطع يدها الضعيفه من منع القطار من الحركه واستسلمت للأمر الواقع وكأنها ورقة شجر ضغيفه تتلاعب بها الرياح العاتيه
بدأ القطار فى قطع المسافات فى عنفوان حديدى مُزعج، وبدأت هى فى النظر خارج الشباك باحثة عن شئ ما. ازاحت النظاره عن عينيها الجميله و أخرجت كتاب من حقيبتها وبدأت تقرأ. شعرت بالغيرة من هذا الكتاب التى تلمسه يديها وتنظر الى كلماته عينيها المملوءه بشئ من الحزن . تركت الكتاب بعد دقائق و وجهت نظرها و اهتمامها مره أخري إلي الشباك و منظر الحقول و المباني و هي تمر مسرعه دون توقف
وصل القطار إلى القاهرو و قفز الجميع من مقاعدهم إلا هى ظلت باقيه فى مقعدها ونظرها الى الشباك. اخذت حقيبتى و قولت لها وأنا فى طريقى للخروج: لقد وصل القطار الى محطته الأخيره، فتبسمت شاكره وقالت: لا.. سوف اعود الى الاسكندريه فلقد تركت شئ مهم فى احضانها و وجب علىّ العودة والرجوع.
No comments:
Post a Comment