كانت الشجرة اخر ما بقي من ميراث يتنازع عليه الأخوين . مات الاب العجوز و ترك ارض و منزل كبير. تقاسما كل شئ و لم يبق غير تلك الشجرة التي كانت تقف قاسما بين ارض الأخوين . كانت شجرة قديمه بقدم الموت و الحياة. عجوز كالاب الذي مات ، ابيّه كالأسرة العريقة التي فقدت سيرتها العطرة بعد موت الاب و تنازع الورثة علي الميراث الدنيوي.. تشاجر الأخوين لشهور .تخاصما و لم يتحدث اي منهما الي الاخر. حاول كبراء القرية الاصلاح بينهما. اقتراحات، لقاءات ، و جلسات عرفيه و لكن بدون جدوي او نتيجه ملموسه. امر كل زوج زوجته بمقاطعة اسرة أخيه . امر الاطفال بالمقاطعة و عدم اللعب مع بعضهم بعضاً. انها الحرب إذن . حرب الشجرة التي لا يوجد بها هدنه او رحمه او التقاط الأنفاس. كيف ستكون الحياة بدون تلك الشجرة؟ لا سلام و لا سكينه علي الارض؟ كيف السبيل الي المنام بدون تلك الشجرة؟ اصبح المنزل الكبير صامتاً رغم كثرة ساكنيه. كل اسره تكتفي بما لها من مساحه و تتجنب الاماكن المشتركة الا عند اللزوم. الحديقة ، المدخل الرئيسي، غرفة خزين القمح و الأرز.اصبح هناك قوانين غير مكتوبه تطيعها كل من الأسرتين .لم يجد النساء و الاطفال بُداً غير طاعة االرجلين و الايمان بان الحرب قائمه و لابد من المساعدة و تقديم العون و المدد والعتاد. أذعن الجميع للقرارات الحربية الا طفلين طفل من كل اسره. بسمه و باسم. بسمه كانت ابنت الاخ الاكبر و كانت تربطها ألفه وصداقه بابن عمها باسم الذي كان يكبرها ببضعة شهور. لم يهتم الطفلان بتحذيرات الآباء الناريه و لم يخش العواقب و استمرا في لقائتهم تحت الشجرة محل النزاع و القتال
نظرا الطفلان الي الشجرة ببساطه الاطفال و علي وجهوهم البريئه تساؤلات عديده لا يفقهها حكيم ببواطن . ماذا بتلك الشجره حتى يكاد أن يقتل أخ من اجلها اخيه؟ انها لا تطرح اى نوع من الثمار! منفعتها الوحيده هى جذورها العريضه الضاربة فى أعماق الأرض وفروعها الكثيفه التى جعلت منها مظله رائعه فى حرور الصيف. لابد أن هناك سراً أو لغزاً لا يعرفه غير كبار السن الذين يتمتعون بعقول أكبر من عقول الطفلين
سالت بسمه ابن عمها: لو الشجرة دي بتاعتك كنت هتعمل بيها ايه
باسم: كنت قطعتها و عملت بيها قارب صغير وهربت من البلد
وسألها باسم: وانت كنتي هتعملي ايه؟
بسمه: كنت خليتك تقطعها وتعمل قارب و اهرب معاك من البلد رضه
دارت برأس الطفلين فكار عديده عن تلك الشجره التى فرّقت بين الأسرتين و جعلت من الأهل أعداء
لابد إذن أن يتقاسم الأخوان الشجره مناصفه. ولم لا؟ و لقد تقاسما كل شئ من قبل: الأرض، المنزل، و الأبوين والدماء التى تجرى فى العروق. ولكن شتان بين الشجره التى لم تفرق يوماً بين فرع من فروعها وبين الإخوه الذين اشتركا فى كل شئ ومازالا يقتتلا من اجلها
رفضا الشقيقين اقتراح تفسيم الشجره وسخرا منه اشد السخريه. كيف ان نقتسم الشجر؟ كيف للتاريخ ان يتم تقسيمه إلى أجزاء؟ هذه الشجره شهدت طفوله الشقيقين و تاريخ العائله العريقه.انكساراتها و انتصاراتها. لايمكن تقسيم الماضى. وكيف لأى حاضر ان يكون بلا ماضى؟ كيف للانسانيه الوجود والبقاء بلا ماضى .فى الأرياف يقولون فلان مقطوع من شجره. بمعنى ان لا اهل له ولا وولد. فكيف لهم ان يقطعو هذه الشجره بأيديهم. لابد من التنازل؟ و ان يتنازل احدهما للأخر ولكن من؟ فشل الأهل و الكبراء و الأصدقاء وبقيت الشجره عالقه و الاسره متفرقه
No comments:
Post a Comment