مِشــْوار عَلى البَحْر


مسك يديها و كأنه مسك الدنيا من مشرقها إلي مغربها : الحلم  و المال و الجاه و السلطه
 . كل ذلك من مجرد لمسة يد. خاف ان يترك يديها لحظه،  فيضيع كل هذا من بين قبضته الحديدية. يسرع من خطواته  و تجد هي صعوبة في مُجاراة تلك الخطوات الواسعه. لا يتمهل أو يبطئ في مشيته العسكريه و كأنه لص  سارق يخشي ان يوقفه شرطي ليسأله من أين لك هذا. اشتكت من الإجهاد و طلبت الراحه فالمشوار لازال طويلا كما قال لها . جلسا علي أريكه مطله علي البحر في نهار شمسه  ساطعه . وقف من مجلسه  ليحمي بشرتها  الورديه من الأشعة الملتهبة . صنع من كتفيه العريضين مظلة . فإن كان الأمر بيده لوضعها في عينيه و أغلق رموشه عليها، أو ربما حلّت هى  مكان قلبه لتنبض بدلا منه لتضخ الدم فى الشرايين . و أضعف الايمان ان يحملها بين ذراعيه في خوف و شفقه كأم حديثة العهد بالأمومه و تخشي علي مولودها الصغير من نسمة الهواء. لا يريد ان يستعجلها و يأخذ من الراحه التي طلبت منها قسطا و نصيبا . و لكنه يريد ان يكمل المشوار . اشفقت عليه من حرارة الشمس التي  لا يزال يتحملها و يحميها منها . هي جالسه علي الأريكه و هو واقف أمامها يغيّر من زاويته عندما تغييّر الشمس من اتجاه أشعتها . نظرت اليه و رمقته بابتسامه تُثلج الصدور و تجعل من جحيم النار بردا و سلاما آمره بتكمله المشوار التي لا تعرف عنه إلا انه معه -  و هذا يكفي . لم تسأله عن القبله و المقصد من المشوار  . تعود خطواته العسكريه لتخبط الأرض في قوه و عنفوان يقابلها رقه و وهن ممن تتعلق بيده كورقة شجر تتلاعب بها النسمات الصيفيه. يخرج من شارع و يدخل آخر و هي معه أمنه مستسلمه  في قلبها الحلم و في يدها الأمن و الأمان . يسرع أكثر من خطواته راكضا  و كأنه يطارد أملا يرغب في الهروب . و هي معه يديها الصغيرة كادت انت تختفى  في يديه الكبيره الدافئه . لم تسأله عن السبب في الإسراع أو الأبطاء في الخطي . و كيف لها و هي من آمنته علي ما هو أغلي وأثمن من عدة خطوات
أبطأ من خطواته عندما دخلا شارع صغير ربما لم يمش فيه أحداً غيرهما من قبل. قال في لهجه فيها انتصار لقد اقتربنا . يخرج من الشارع الصغير الضيق المظلم ليري البحر الفسيح التي ضربت الشمس موجاته بأشعتها الذهبيه لتخلق جو ملائكي . لا تري علي الشاطي سوي منزل صغير علي البحر . ترك يدها لتنطلق هي كسهم صائب يعرف وجهته و مقصوده . تجري كطفله صغيره في مدينه الألعاب المسحوره أو فى متجر للحلوى . و قفت أمام المنزل سائله بصوت طفولى فى خباثة الأطفال عندما يسألو سؤال يعرفون إجابته : لمن هذا ؟ قال : هو لكي ، فقد قلت لكي تمني عليّ ، فأجابتي : بيت علي البجر . إذن فهو بيتك و سلطانك . قالت :هو لنا. فيه نحيا و فيه نموت و فيه نلقي الله



No comments: