(١)
تجلس أم سعد بائعة الجرائد فى نفس مُقعدها على كورنيش
البحر، تضع بضع من الأحجار الصغيره على الجرائد حتى لا تطير من على قفص الخضار - الذى أصبح هو مصدر
رزقها الوحيد. تتطلع المانشيتات العريضه التى لا تفقه منها سوي ألوانها الحمراء
والسوداء وحجم الخط العريض. لم تنم المرأه لأيام، فبالها مشغول حقاً بنصرة الشريعه
وقهر العلمانيه وتحرير البلاد من الكفار. أم سعد تعلم جيدا أصول الشريعه وتعاريف
الليبراليه والعلمانيه والإشتراكيه والإقتصاد الإسلامى. أراها تحلل المسوده الأولى
للدستور وتنفطر حسرة على عدم وجود مواد خاصه بختان النساء والمثليه الجنسيه وهدم
الأهرامات والآصنام. تجلس أم سعد مع نظرائها من باعة الجرائد والفجل والسمن البلدى
على مزلقان القطار فى سيدى بشر قبلى ويتناقشن فى همة ونشاط سن الزواج للأطفال وإذا
كانت البنت هتستحمل ولا لأ
(٢)
يدخل عم عبده الخولعى بائع الشاى فى محطة القطار ويلتقط
أطراف الحديث منهن صارخا من أعماق قلبه العجوز، بشرة خير .. بشرة خير، كبشرى يعقوب
بيوسف وفرحة زكريا بيحيى، يشرح عم عبده أسباب فرحته وبهجته بأن شلبى الصياد، إكتشف
بروكسى للتحايل على حجب مواقع البورنو. فلا داعى للقلق
هكذا إنشغل العامه من أهلى وعشيرتى بما هو مهم بالنسبة
لهم: نصرة شرع الله .. لم تهتم أم سعد بولدها المعاق سعد ولا بقرار المحافظ من 15
سنه بتوفير كشك صغير بدلا من قفص الخضار، لم يهتم عم عبده الخولعى بما يعانيه من
أمراض عجز عن تعريفيها .. كل هذه أشياءثانويه لا قيمة الله..
No comments:
Post a Comment