محمود عوض كاتب عظيم وانا أحبه ولا أعتقد أن رأى فيه له أى مثقال يُزيد أو يُقلل من قيمته. لقد قرأت له مؤخرا كتاب " بالعربى الجريح" وهو مجموعة مقالات كان قد كتبها فى مجلة الشباب فى منتصف تسعينات القرن الماضى . الكتاب جميل كالعادة ولكني توقفت عند المقالات التى كتبها عن الحرب العالمية التانية وعن أمريكا خصوصا. الحق أقول أنى لم أجد أى مصدر آخر لم كتبه عن الحوار الذى دار بين تشرشيل ووزفلت وشاه إيران وملك السعودية. اسلوب المقال والتفاصيل التى وردت به يجعلك تشعر أن محمود عوض كان يجلس معهم مكوع على الكنبه.
كان هناك مقال آخر عن أزمة الطفل الكوبى إليان جونزاليس، ذلك الطفل الذى رأى أمه تموت غرقا عندما حاولت الهجرة من كوبا إلى امريكا فى مركب شراعى. أخذت الأم الطفل من أبوه وهربت به ليلا مع مجموعه من المهاجرين الغير شرعين الذين ماتوا جميعاً ولم ينجو منهم أى أحد سوى الطفل . إتخذ محمود عوض من البداية جانب الأب الذى كان يطالب بعودة إبنه من أمريكا. كتب محمود عوض تفاصيل عن الأزمة كلها هجص ليس لها أى مصدر. مثل أنهم فى امريكا كانوا يرفعون من صوت التليفزيون عندما كان إليان يتحدث مع والده فى كوبا حتى لا يسمعه ابوه ويتم الشوشره على المكالمة . وكانوا ايضا يملأون فم الطفل بالحلوى حتى تخرج حروفه غير مفهومه أثناء حديثه . وانهم أشتروا له سيارة بملايين الدولارت يتنقل بها وقاموا بصناعة لعب للأطفال بإسمه. كل هذه التفاصيل تليق بقعدة مصطبة. وطبعا الذين كانوا وراء كل هذه التصرفات طبقا لمحمود عوض هم المخابرات الأمريكيه والكونجرس والجيش الأمريكى.
طبعا، أنت كقارئ لك الحق كل الحق أن تحب هذا الكاتب وتدافع عن هذه الكاتبة. ولك الحق أيضا أن تختار من ما يكتبه الصالح وترمى فى الزبالة الطالح. الخلاصة أن كل كاتب ليس بملاك . مثلا، الكاتب الكبير جلال أمين كان مؤمن كل الإيمان أن ثروت أباظه لا يملك من الموهبة أى شئ وأن غروره وجرأته فقط هم الذين فتحوا له أبواب كثيرة إكتسب بها مناصب لا يستحقها. وواصل جلال أمين كلامه أن غير الموهوب ثروت أباظه دعمه كُتّاب كبار مثل نجيب محفوظ وطه حسين فأرضوا غروره ولم يكبحوا جماح طموحه. وقال جلال أمين أن مواقف نجيب محفوظ الإجتماعية والسياسية ظلت لغز محيرا للجميع. وفى مقال قديم لجلال أمين فى الأهرام العربى كتب أن ثروت أباظه كان قدم رشوة لطه حسين حتى يكتب مقدمة أحد كتُبه وكانت الرشوه زبده بلدى و فطير مشلتت. لم يكتف جلال أمين بذلك بل وصف طه حسين فى المقالة "بالأعمى " وكأن العمى صفة قبيحة إختارها طه حسين.
هل معنى ما سبق أن جميع هؤلاء الكتاب معرصون مثلا؟ ربما فى نظر البعض. الشئ الأكيد أن بداخل كل موهوب كبير، معرص صغير وأن كل جيل من الكتاب مهما عظُم شأنه سوف يكون به هذا العرص المؤمن بتعريصه، وذلك العرص الذى يرقص حسب العرض والطلب.
No comments:
Post a Comment