الفرق بين «خليهم يتسلوا» 2010 ونسخة 2018


نُشرت فى ساسة بوست هنا 
فى الجلسة الافتتاحية لبرلمان 2010، تعرض حسني مبارك فى خطابه أمام البرلمان لتحركات المعارضة  فى مصر وقتها والاتهامات الكثيرة التي وُجهت للحزب الوطني الحاكم الذي تحول إلى حزب لرجال الأعمال الذين يعقدون صفقات  ويربحون ملايين دون النظر إلى منفعة الشعب.علق مبارك عىل ذلك فى خطابه ساخرًا: "خليهم يتسلوا"، وقال فى جزء آخر من خطابه: "متصدقوش كل الكلام اللى بيتقال، دى شائعات، اللى بنقوله فى الغرف المغلقة بنقوله فى بره".

شهور قليلة، ويصبح هذا الخطاب هو آخر خطاب لمبارك تحت قبة أي برلمان و يصبح برلمان 2010 برجال أعماله ب أحمد عزه وأحمد نظيفه من أسباب قيام ثورة 25 يناير 2011. مقولة مبارك الشهيرة "خليهم يتسلوا" كانت تحمل من الغرور والتكبر ما  يؤكد على أن مبارك لم يشغل باله بالمعارضة على أي حال من الأحوال وفي نفس الوقت يرى أنه من حقهم معارضته أو على الأقل وجودهم فى المشهد السياسي. مبارك  كان من أساتذة خلق "معارضة هشة" خلفية لابد منها حتى تكتمل الصورة التي يراها الغرب. المعارضة التي سخر منها مبارك والتي أكد له حبيب العادلي وأجهزته الأمنية أنه لا قيمة لها كانت من مسببات ثورة يناير التي أطاحت بنظام مبارك فيما بعد.

نظام 2018 يعمل جاهدًا على قطع كل مسببات قد تؤدي إلى "25 يناير جديدة". لا يهتم بخلق معارضة هشة أو رسم خلفية للصورة أو حتى تفاصيل الصورة نفسها. لا وجود لأي صوت مختلف. حبس الفريق سامي عنان رئيس أركان الجيش السابق والمستشار هشام جنينة والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح  والعديد من الشباب وغيرهم من الصحفيين كلها خطوات وقائية يظنها النظام مهمة للبقاء. بالماضي،كان كل رئيس يأتي لكرسي الحكم يتغني كاذبًا بأنه أتي ليخدم الشعب، وأن هذا تكليف وليس تشريف. أما أفعال النظام الحالي فإنها تقول لنا بكل صراحة دو خجل أنه أتي ليحكم حتى يقضي الله أمره. لم يسمح نظام 2018 بمعارض حقيقي واحد فى البرلمان الحالي على عكس مبارك الذي سمح بأكثر من 80 مقعد للمعارضة من إخوان مسلمين وغيرهم. استغرق مبارك 30 سنة من العمل حتى يصل إلى ما وصل إليه من كبرياء وغرور وعدم اهتمام بالمعارضة، أما النظام الحالي فظنّ خاطئًا أنه وجب عليه عدم اضاعة الوقت لتفادي ما وقع فيه مبارك من أخطاء. وهذا ما يدعو إلى كثير من سخرية البعض الذين يدعّون أن مبارك قد سقط وهو الذي أحاط نفسه بعباقرة أمثال كمال الشاذلي و مفيد شهاب وأسامة الباز وأحمد فتحي سرور وغيرهم من (ترزيّة القوانين).  فما بالك بنظام محدود المواهب لا يملك من العقول سوي بعض الإعلاميين السُذج الذين يقولون ما يؤمرون به دون تفكير أو تمييز.

هل ما يفعله النظام الحالي سوف يقيه حقًا مواجهة "25 يناير" جديدة؟ هل حبس أي بذرة للمعارضة هو الطريق الوحيد للخلود فى سدة الحكم؟ بالطبع لا، بالعكس أنه يُعجّل بحدوث ما هو أسوأ من "25 يناير". تكمن المأساة فى عدم فهم النظام الحالي للأسباب الحقيقية لحدوث ثورة يناير. هل قبضة مبارك الحديدة كانت متهاونة ولذلك قدم نظام 2018 نظام جديد للتعامل مع الدولة والحكومة؟ النظام الحالي يسجن أبو الفتوح لأنه أدلي بتصريحات سياسية وهو رئيس حزب سياسي المفروض أن تكون وظيفته أن يتحدث فى السياسة! إذن النظام الحالي يريد أن يرسم خطوط حمراء وقواعد جديدة عندما تتحدث عن الدولة. لماذا ظن نظام 2018 أنه هو فقط من اكتسب الخبرة من ثورة 25 يناير؟ لماذا لا يؤمن بأن الشعب هو الآخر استفاد واكتسب خبرة من ثورة 25 يناير وتعلم من أخطاء الماضي؟ ما يحدث حاليًا هو أرض خصبة لإنفجار وشيك.

No comments: