في حوار لتوفيق الحكيم مع الدكتور غالي شكري، قال الحكيم:
آثار كتاب عودة الوعي الضجة إياها، علما أني أحب جمال عبد الناصر وكان يحبنى ووقف بجانبي باستمرار. تساءلت في قرارة نفسي: هل أسأت حقيقة إلى عبد الناصر؟ ورجعت إلى الكتاب بنية أن أصحح نفسي ، أو أن أؤلف كتابا آخر أصحح فيه ( عودة الوعي ) . والله ما وجدت سطرا واحدا يمكن ان أشطبه لانى لم أتعرض الى عبد الناصر كشخص اطلاقا . فلم أطعنه في شخصيته أو في مواقفه الأخلاقية أو السياسية ككل . أبدا . أنا قلت انني كنت مع الثورة وعبد الناصر ووثقت فيه منذ اليوم الأول لدرجة ان بعض الناس سألونى : كيف تتخذ هذا الموقف المؤيد من عبد الناصر وهو الذي ألغى الدستور . فكيف تقبل كمفكر حر بحاكم يلغى الدستور ؟ فأجبت: أنا لا تهمنى الدساتير. وانما شخصية الحاكم . لقد شبعنا دساتير.
وكانت الحكومات المتعاقبة تأتى بدساتير ثم تحكم بأساليب فاسدة. فالمهم ان يكون الحاكم نظيفا . وشباب ثورة يوليو هم فى غاية النظافة ، حتى ولو ألغوا الدستور. باختصار ، أنا مع الرجل الصالح. وهكذا ، استمر تأييدى لعبد الناصر.
وبعد ذلك ، وجدت ان النظام الذي اعتبرته في حكم الصالح بدأ يبتعد عن الديمقراطية . الدستور ليس مهما ، وانما المهم التطبيق . فالثورة كانت في بدايتها نظيفة بصرف النظر عن الأخطاء الدستورية التى تنبه لها مختلف الجهات السياسية من يسار ويمين واخوان مسلمين وكل هؤلاء من المتمرسين بالسياسة والحكم. وقلت : آنذاك : أنا لست مع منتقدى الأخطاء الدستورية . بل يمكن ان نضحى بالدستور وبالنظم السياسية من أجل شباب نظيف ليس له مطامع غير خدمة البلد باستقامة ونظافة.
بعد ذلك ، رأيت ان النظام بدأ يتخذ شكلا ديكتاتويا فرديا بوليسيا . وفى البداية ، كنت أعطى الثورة بعض التبريرات فأقول قد تكون الثورة أخذت هذا المنحى لاعتبارات أمنية بغرض الدفاع عن كيانها في وجه الأعداء ، الى ان وجدت فى النهاية ان المسألة وصلت الى حد غير مقبول، خصوصا عندما يلجأ النظام الى تعذيب بعض المواطنين لمجرد الشبهة ، فيتم اقتيادهم إلى المعتقل ويعذبون بأساليب تقشعر لها الأبدان . فقلت : هل ان المسئولية هنا على عبد الناصر بالذات أم على أعوانه ؟ بل ما هي نسبة مسئولية عبد الناصر : عشرون .. ثلاثون بالمائة على سبيل المثال ؟ وهل هو على علم بما يمارسه معاونوه من تعذيب في المعتقلات . تساءلت بحثا عن اجابة مقنعة.
No comments:
Post a Comment