إذا كان هناك إله، تحتم أن يكون عادلا

رسائل فارسية

عزيزى رعدى: إذا كان هناك إله ، تحتم أن يكون عادلا.
والعدالة صلة توافق يرتبط بها فى الواقع شيئان. وهذه الصلة ثابتة دائماً عند كل كائن يقدرها، سواء أكان إلها، أم ملكاً، أم إنساناً.
عزيزى رعدى: إذا كان هناك إله ، تحتم أن يكون عادلا.
والعدالة صلة توافق يرتبط بها فى الواقع شيئان. وهذه الصلة ثابتة دائماً عند كل كائن يقدرها، سواء أكان إلها، أم ملكاً، أم إنساناً.
وفى الحق إن الناس لا يرعون دائماً تلك الصلات وكثيرا ما ينصرفون عنها إذا فطنوا إليها، لأنهم يؤثرون دائما مصلحتهم الذاتيه والعدالة ترفع صوتها، ولكنهم لا يكادون يسمعون صوتها وهم فى غمار شهواتهم. والناس لا يرون بأسا فى ارتكاب المظالم إذا هى حققت منافعهم لأنهم يؤثرون إرضاء نفوسهم على رضا سواهم. ولا يكون أحد شريرا بلا مقابل وهم لا يسعون إلا إلى مفنعتهم الذاتيه. بل لابد من سبب يحدد سلوكه، وهذا السبب دائماً هو المنفعه الذاتية.
وهذا يا رعدى ما جعلنى أفكر فى أن العدالة أزلية، ولا تتعلق مطلقاً بما تواضع عليه الناس، لأنها لو اتبعت أهواءهم لكانت حقيقة مرة ينبغى لها أن تختفى من تلقاء نفسها.
إنه يحيط بنا أناس أقوى منا، ويستطيعون أن يسيئوا إلينا بشتى الصور، وفى أغلب الأحيان لا يقعون تحت طائلة العقاب. وأى راحة لنا فى أن نعرف أن فى قلوب هؤلاء الناس عاملا داخليا يكافح من أجلنا ويحمينا مما يدبرون لنا من أفعال! وبدون ذلك يكون لزاما أن نظل فى خوف دائم، ونمر أمام الناس كما نمر أمام السباع. ولا نطمئن لحظة على حالنا وسعادتنا وحياتنا.
أى رضا يحسه الإنسان إذا اختبر نفسه فوجد له قلبا عادلا! وهذا السرور وإن تطلب منه مشقة فإنه يسعده، ولأنه يسمو بالمرء عن منازل هؤلاء الذين تجردوا منه ويُنزّه على أن ينحط إلى درك الوحش من نمور ودببة. نعم يارعدى لو أنى على ثقة بأن أرعى الإنصاف دائما – وهو نصب عينى – لكنت خير الناس جميعا.
باريس فى عرة جمادى الأولى سنة 1715 الميلادية
رسائل فارسية: مونتسكيو

No comments: