! شِكْسِبِير حَافِظ الْمَغْرَبى بَتَهِوُفْن


كان الأستاذ حافظ المغربى فى حالة من الغضب  وهو فى زيارة المعلم راغب شاكيا له تصرفات نجله الاصغر محمد فى المدرسه. كان الأستاذ حافظ مدرس اول الرسم والتربيه الفنيه فى المدرسه الإعداديه. وكان غير موهوب بالمره وحاول أن يدارى عدم موهبته باهتمامه المصطنع بالرسم ومشاهير الفنانين. كان يستخدم اسامى كبيره مثل بتهوفن  وشكسبير والملكه نازلى على الرغم من عدم علاقتهم بالرسم. ولكنه اعتقد ان استخدام تلك الاسامى سوف تجعل التلاميذ تحترمه وتخشى علمه ومعرفته. وعلي عكس أمله في ان ينال الإحترام  من التلاميذ ، فقد بدأو فى  السخرية منه وأصبح لقبه فى المدرسه:  الأستاذ شكسبير حافظ المغربي بتهوفن

بدأ الأستاذ حافظ شكواه للمعلم راغب  بنبذه تاريخية عن الفن و أهميته الشديدة فى تربية العقول والأبدان ولم لا؟ وطه حسين والعقاد والبنفلوطى وصالح سليم كانوا كلهم رسّامين موهبين!! وإستمر الأستاذ حافظ فى إعطاء المعلم راغب حصة تاريخ فنيه لا علاقة لها بالحقيقه و بالفن أو بالتاريخ ! كان المعلم راغب على شفى ان يصفع الأستاذ حافظ على وجه لعدات مرات متتاليه بدون رحمه أو شفقه  ولكنه إستكفى أن يلعنه ويلعن نجله والفن والفنانين فى سره وعلى وجه إبتسامه المهتم العالم ببواطن الفنون

بعد أن شرب الاستاذ حافظ فنجان الشاي الثانى ، سأله المعلم  راغب عما فعله نجله محمد - كى تستدعى تلك الزيارة الملائكيه الكريمه. لقط الأستاذ حافظ خيوط الحديث قائلا: ان محمد لا يملك للرسم كراسة ولا ألوان ! بل أنه غير مهتم أطلاقا بالرسم وأهميته للحياة الإنسانيه ! إستنكر المعلم راغب فعلة ابنه الحمقاء التى كانت سبب فى ضياع ساعتين كاملتين من عمره حتى الآن و أكد للأستاذ حافظ انه سوف يقوم بشراء أدوات الرسم لنجله بنفسه ويضعها في حقيبته المدرسيه
اثني الأستاذ حافظ علي المعلم راغب رد فعله وفطناته وحسن تصرفه وأضاف قائلا هناك مشكله أخري أكبر حجما و أثقل هما والمُصاب عميق ! خطرت برأس المعلم راغب فكره الصفعات وللكمات المتتاليه لكنه تمالك نفسه للمره الثانية وهذا نادر الحدوث
قال الأستاذ حافظ : في احدي الحصص التي خصصها  هو لدراسة الحاله النفسية للتلاميذ، كان يسأل التلاميذ عن الوظائف التي يرغبون في إشغالها بعد نهاية التعليم الجامعي وعن أحلامهم المستقبلية ، كانت ردود معظم التلاميذ تدور حول مهندس أو دكتور وبعضهم ود لو أصبح طيارا مثلاُ. وعندما أتي دور نجلك محمد في الاجابه قال : انه يرغب في ان يطلع سائق سيارة إسعاف
وعندما سألته ولماذا سيارة إسعاف ؟ أجاب محمد باختصار : عشان محدش يقف قدامي بعون الله
وعندما بدأ الأستاذ حافظ في شرح الحاله النفسية لمحمد ، لم يجد المعلم راغب غير فناجين الشاي الفارغة أمامه وأطاح بها في رأس الأستاذ حافظ الذي هرول أمام المعلم راغب
لاعناً الجهل والجهُلاء. لم يكتف الأستاذ حافظ  بهذا القدر من إراقة الدماء التى سالت فى سبيل الفن وغطت بدلته الرماديه ذات الجيوب الأربعه، ولكنه وقف أمام منزل المعلم راغب خاطبا شاكيا باكيا الجهل المتمثل فى شخصه  وكيف لأمثال المعلم فهم قيمة الفن وعلاقته بالحاله النفسيه للإنسان والتطوّر التاريخى للبشر

No comments: