الجزء الأول
الحزء الثانى
الجزء الثالث
الحزء الثانى
الجزء الثالث
(4)
قبل التحدث عن الحاضر، وجب الإشارة إلى تاريخ إستخدام الإنترنت فى التسويق السياسى والحملات الإنتخابية. لقد تم إستخدام الإنترنت فى أوائل التسعينات عندما كان بيل كلينتون حاكما لولاية أركانسا. لقد إستخدم وقتها الإيميل فقط داخل غرفة العلميات لحملتة. وكان إستخدام الإنترنت قاصرا على أعضاء الحملة وليس مع الناخبين.
فى ١٩٩٦، وفى خلال المناظرة الرئاسية مع بيل كلينتون، طلب بوب دول مرشح الحزب الجمهورى من الناخبين بالإتصال بحملته من خلال الموقع الإلكترونى. وكانت هذة هى المرة الأولى التى يستخدم فيها مرشح رئاسى مناظرة رسمية للإعلان عن موقع حملتة. كان ذلك غريبا على الناخب الأمريكى.
فى أواخر التسعينات وبدأية عام ٢٠٠٠، طرق حاكم مينسوتا وقتها- جيسى فنتورا ومرشح الحزب الجمهورى- جون ماكين أبواب الأنترنت بقوة. وأطلق أساتذة التسويق السياسى على هذة الفترة: العصر الحجرى لإستخدام الإنترنت، فى الحياة السياسية وحياة المواطن العادى. لم تدخل الإنتخابات الأمريكية العصرى الحقيقى للإنترنت إلا بحلول عام ٢٠٠٤ مع حاكم فيرمونت ومرشح الحزب الديمقراطى هاوراد دين.
يجب أن نشير هنا إلى نقطة مهمة، وهى أن مهمة المستشارين السياسيين ومديرى الحملات الإنتخابية هى مهمة غير مؤكدة النتائج. بمعنى، أن الهدف الأساسى لأى حملة إنتخابية هو الفوز بالإنتخابات وليس إحداث فرقعة إعلامية. وفى الواقع أن تكنولوجيا التسويق السياسى ستظل متأخرة خطوة أو خطوتين عن تكنولوجيا التسويق والمبيعات الحديثة. إذن كيف إستطاعت حملة هاورد دين أن تستخدم الإنترنت بهذة القوة فى ٢٠٠٤ خلال الإنتخابات الأولية للحزب الديمقراطى؟
قبل حملة هاورد دين في ٢٠٠٤، لم يكن متوافر العوامل اللازمة من التكنولوجيا الحديثة . فمن أجل أن يكون الإنترنت مصدرا مهما ومؤثرا في التسويق السياسي والحملات الانتخابية، هناك ٣ عناصر مهمة يجب وضعها في الاعتبار:
الإختراق أو التغلغل
والمقصود بالإختراق هنا هو عدد الأمريكان الذين كان لديهم وسيلة للإتصال بالإنترنت في منازلهم أو أي مكان آخر. فقط ١٨٪ من الأمريكان كان لديهم إنترنت في منازلهم عام ١٩٩٧. تضاعف هذا الرقم وأصبح ٥٠٪ في عام ٢٠٠١. وفي عام ٢٠٠٤، أصبح ٣ من كل ٤ بيوت لديهم وسيلة اتصال بالإنترنت. وبهذا الرقم، اصبح ٧٥٪ من السكان في أمريكا لديهم وسيلة اتصال بالإنترنت في المنزل، العمل أو المكتبات العامة. وهنا قد اختفي العصر الحجري للإنترنت. وفي استبيان سريع لهذه الأرقام ، اتضح ان هؤلاء الذين يملكون إنترنت في منازلهم، كانو اكثر تعليما وأعلي دخلا وأكثر إقبالا علي التصويت في الانتخابات. وكان هذا الاستبيان هو المؤشر الاول لمديري الحملات النتخابية علي انهم يستطيعو التواصل مع الناخب عبر الانترنت.
السرعة
وهذا هو العنصر التاني الذي كان سبباً في حضور عاصفة الانترنت في انتخابات ٢٠٠٤. كان الاتصال بالإنترنت في المنازل، عن طريق خطوط التليفون. وكان هذه الوسيلة هي الأرخص والأسهل والابطأ أيضاً . ولكن نتيجة لبعض السياسات والقوانين التي اقترحها الرئيس كلينتون، اصبح الانترنت السريع متاح في بعض المرافق العامة ثم بعد ذلك المنازل. ففي عام ٢٠٠٤، كان ٤٥٪ من منازل أمريكا لديهم إنترنت سريع. وكان ذلك سبب في خلق المدونات والمواقع الشخصيه، وكذلك سهولة تداول الفيديوهات التي جعلت مهمة وصول الصحفيين والأحزاب- والاهم منهم جميعا- الناخب الي المعلومات.
الراحة
فى ٢٠٠٤، معظم الامريكان اصبحو اكثر راحة مع إستخدام الإنترنت وأصبح هناك ثقة فى إنفاق المال على الانترنت والدليل كان هناك زيادة ملموسه بنسبه ٢٥٪ فى مشتريات الكريسيماس لسنة ٢٠٠٤ عنها فى ٢٠٠٣. أصبح الامريكان أكثر ثقة الانترنت ولديهم الإستعداد للحوار والنقاش على الإنترنت والأهم من ذلك هو إنفاق المال. وهذا ما جع تبرعات حملة هاورد دين، حملة عملاقة.
نهاية العصر الحجرى للإنترنت
يعتبر العديد من الأكادميين ومتخصصى الحملات الإنتخابية أن حملة هاورد دين هى بداية الإستراتيجية الحديثة لإستخدام الإنترنت فى الإنتخابات. مايكل كورنفيلد، أستاذ العلوم السياسية أطلق على عام ٢٠٠٤ العام رقم ١ ميلادى لمديرى الحملات الإنتخابية. بعد أن أعلن هاورد دين عن حملته فى يونيو ٢٠٠٣، قرر مستشارى هاورد دين إستخدادم سلوك الأمريكان على الإنترنت لتنظيم أهداف أخرى جديدة للحملة. الشعب كان قد يستخدم الأنترنت فى شراء أحتياجاتهم فلماذا لا يتم طلب التبرع منهم للحملة عن طريق الإنترنت؟ هاورد دين عمل شئ شجاع وغير متوقع، شئ لا يصنعه أي مرشح سوى واحد لا يملك أى شئ يخسره. هاورد دين صمم الموقع الإلكترونى لحملته بطريقة تفاعلية مع الناخبيين. المواقع الأخرى مثل موقع جون ماكيين وجيسى فانتورا كان عليها سيطرة ولا تسمح للناخبين بالتفاعل مثلما سمح هاورد دين.
يعود الفضل لحملة هاورد دين فى تغير فلسفة الحملات الإنتخابية وتقديم تكنولوجية " Meet-Up" وأيضا جعل المرشح يقوم بالتدوين بنفسه. الشئ الهام الذى أخذته هذة الحملة فيه الريادة بلا منازع هو التبرعات. لقد حقق هاورد دين رقم قياسى وجمع تبرعات (أكثر من ٢٤ مليون دولار) أكثر من أى مرشح آخر.
إستخدمت حملة هاورد دين الإيميل ليس فقط لإرسال لينك لموقعه حتى يقوم الناخب بالتبرع، ولكنه كان يرسل مقالات وقصص عن منافسه وأحيانا فديوهات تجع الدماء تفور فى عروق الناخب. وبعد أن يستفز المقال الناخب، يضع هاورد دين فى نهاية الإيميل لينك لموقعه طالبا من الناخب التبرع للحملة وإرسال هذا الإيميل لأكثر عدد من الأصدقاء والمعارف!
فكرة الإيميلات ذات العناوين المروعة مثل " الجمهورين سوف يقضون على الوظائف التعليمية" أو " الديمقراطين سوف يسمحون بالجنس فى المدارس". كانت هذة فكرة حملة هاورد دين. نعم الآن أصبحت هذه العناوين مألوفه، ولكن بالماضى لم تكن ذلك. بعد أن فتح هاورد دين موقعه للناخبين للنقاش والجدال والكتابة، قام العديد من هؤلاء بتقديم إقتراحات عبقرية إستخدمتها الحملة فى الهجوم والدعاية وجمع المزيد من التبرعات.
الإنترنت معجزة، أم مجرد وسيلة؟
بعد حملة هاورد دين، إنقسم علماء التسويق السياسى إلى فريقين. الفريق الأول يؤمن بأن الإنترنت معجزة غيرت وطورت شكل الإنتخابات إلى الأبد. الفريق الآخر، ليس على نفس درجة التفاؤل, فالإنترنت بالنسبة لهم مجرد وسيلة واداه لإستخدام الأدوات القديمة التى تعودوا عليها.
يجب أن تضع فى الأعتبار أن كل من الفريقين عنده بعض الحق فى ما قد يدعو إليه، ولذلك سوف نقوم بسرد بعض أسباب إيمانهم بموقفهم ولك أنت التحديد وإختيار الفصيل الذى تود الإنتماء إليه
فلنبدأ بهؤلاء المتشائمين (كما أطلق عليهم جيسون جونسون) الذين لايؤمنون بأن الأنترنت كان معجزة ،هذة بعض من وجهات نظرهم:
- نعم الإنترنت ساعدت هاورد دين فى جمع التبرعات، ولكن الأنترنت لم ولن تحمل الناخب إلى صندوق الإنتخاب للإدلاء بصوته. وهنا يجب الإشارة أن هذة النقطة قد تداركها أوباما فى حمتلة ٢٠٠٤ للكونجرس . إستخدم أوباما الإنترنت كما إستخدمها هاورد مع فارق مهم. أنه حول ال Meet up إلى الواقع وليس فقط على الأنترنت. أوباما نظم مؤتمراته ولقاءاته مع الطلبة والعمال والفلاحين والعديد من النشطاء خلال الأنترنت ولكنه كان هو شخصيا موجود فى الشارع. وكانت هذة هى القاعدة الأساسية التى بنى عليها أوباما حملتة للإنتخابات الرئاسية فى ٢٠٠٨.
- التكنولوجيا الحديثة ساعدت أوباما فى الوصول للبيت الأبيض ولكنها لم تكن السبب الأساسى لذلك. نجاح أوباما يكمن فى أنه عرف كيف يستخدم الأنترنت فى حملتة. منذ البداية، كان فريق أوباما يعلم أن الإنترنت لم تكن أداة أكيدة للحصول على أصوات الشباب ولكنها كانت المنبر السهل البسيط الذى يستطيع أوباما أن يتحدث إلى هؤلاء الشباب ويجذب أصواتهم إليه بعد أن يتحاور معهم ويشعرهم أنه قريب منهم. أستخدم اوباما الإنترنت لتنظيم جيش هائل من المتطوعين. فقام بنجاح بتحويل العالم الإفتراضى إلى عالم حقيقى على أرض الواقع.
- الإنترنت مجرد أداة مثل الراديو والتلفزيون. ربما عقدت الامور اكثر واكثر. فى النهاية وجود المرشح والمتطوعين فى الشارع والحديث والتقاط الصور مع بسطاء الإنتخابات هو الأكثر فاعلية
المتفائلون بالإنترنت:
هؤلاء هم الذين يؤمنون أن الإنترنت قد غيرت اساسيات الحملات الإنتخابية والديمقراطية الأمريكية و سمحت لمديرى الحملات الإنتخابية بالتفكير وتحقيق خطوات كانت مستحيلة بالماضى قبل عصر الإنترنت.
- الأنترنت ساعدت فى جمع التبرعات بتطريقة أسهل والوصول لمتبرعين لا يمكن الوصول إليهم بالطرق العادية المألوفه.
- إستخدام الأنترنت كان سببا أساسيا فى الأقبال على التصويت من قبل الأمريكين أصحاب الأصول الأفريقية والأسبانية. ولقد ظهر هذا واضحا فى إنتخابات ٢٠٠٨ لأوباما فقد كانت نسبة تصويت الأفريقين الأمريكين أعلى نسبة فى تاريخ أمريكا منذ نشأتها.
- بالماضى كان بإمكانك أن تتحدث مع جيرانك فقط عن المرشح وحملت، لكن من خلال الإنترنت يمكنك التحدث مع آلاف.
- هؤلاء المتفائلون يأخذون نجاح أوباما دائما مثلا فيقولون ان لولا الإنترنت ما كان اوباما رئيسا. كان اوباما سيناتور شاب فى شيكاغو فى ٢٠٠٤ لم يسمع عنهم الكثير ولم يكن حظة من التغطية الأعلامية التقليدية بنفس قدر التغطية التى كانت تحصل عليه هيلارى كلينتون. لكنه عندم قرر دخول إنتخابات الحزب الديمقراطى الأوليه، إستخدم الإنترنت بعبقرية كبديل للأعلام التقليدى الذى كان يعرف هيلارى كلينتون مسبقا بصفتها سيدة أمريكا الأولى.
إذا كنا بصدد دراسة كيف إستخدم النشطاء السياسون الإنترنت، وما الذى يؤثر على سلوكياتهم فى هذا الإستخدام، علينا أن ننظر إلى إلى بعض هذه الأدوات التى يتم إستخدامها. وما الذى جعل مديرى الحملات الإنتخابية يستخدمون الإنترنت لجعل حملاتهم أكثر نجاحا. لهذا الغرض بالتحديد، سوف ننظر إلى الأعلامى الإجتماعى فى المقالة القادمة:
No comments:
Post a Comment