نشرت بمصر العربية :
قال صديقي إيهاب بصوته الذي يشبه صوت السادات:
كل من ساند الإنقلاب من الكتاب والممثلين والفنانين والمبدعين لابد عليه أن يخرج على الملأ ويعتذر!
قاطعته مازحًا:
جايز ما يعرفوش!
لطالما تناقشنا فى هذه النقطة، علاقة المثقف بالسلطة وتعريف الوطنية ومتى كانت المعارضة خيانة. إيهاب يمثل قطاع عريض من الناس لن يغفر أو يسامح أحمد فؤاد نجم والأبنودي والغيطاني وغيرهم. كنت أحاول أن اشرح له ان يحب فى هؤلاء فنهم ويرفض مواقفهم السياسية ولكنه كان يرفض أن يفرق بين الفنان والإنسان. وهي نقطة مهمة ولها ثقلها فى هذه النقاشات التى لم نجرج منها بنتيجة حاسمة ونهائية.
تذكرت هذا وأنا أشاهد واحد من أجمل الأفلام وهو (Judgment at Nuremberg). الفيلم يحكى عن محكامة من المحاكمات العسكرية التى تبعت هزيمة النازي الألمانى. كانت هذه المحاكمة لوزير العدل والمدعى العام وقاضيين. فى أحد المشاهد الجميلة، يشهد المتهمون فى كافتيريا السجن يتحدثون، ويسأل قاضي من المتهمين زميلًا له:
هل كنت تعلم عن حرق اليهود؟ هل أي منكم يعلم عن معسكرات أفران الغاز الذي تحدث عنها المدعي العسكري فى جلسة اليوم؟
فيرد جميعهم:
لا طبعًا!
إذا قرأت تاريخ فى تاريخ النازي الألماني، ستجد أن هتلر وإعلامه بقياده جوبلز قد جعلا ألمانيا فى عيون شعبهم مهددة بالخطر وأنها تحارب من أجل البقاء. لم تكن وسائل الإعلام حينها كيومنا هذا، إذا قُتل مواطن فى الدرب الأحمر، شاهد الفديو أهل إستراليا بعدها بدقائق معدودة. أحد القضاة المتهمين فى الفيلم قال مدافعًا عن نفسه أن كل ما فعله من أحكام تُملى عليه ضد المواطنين لانه كان يظن أن هذه هى الوطنية وأن هؤلاء هم أعداء الوطن ويجب التخلص منهم حتى تنعم البلاد بالإستقلال والرخاء!
وزير العدل فى الفيلم هو الوحيد الذى قال أنه يجب معاقبته لأنه لم يسأل ويستخدم عقله ويعارض ويعرف الحقيقة بل يجب معاقبة العالم والدنيا كلها معه لأن العالم كله رأي طاغوت يكبر ويتوحش أمام أعينهم ولم يفعل أي شئ إلا بعد قتل ستة ملايين روح!
حبكة الفيلم كانت تتمثل فى المحامي الشاب الذى كان يدافع عن هؤلاء وكان يقول أنه لا يجب محاكمة ألمانيا كلها على جرائم الحكومة لأن معظم الناس كانوا لا يدرون شيئًا عن هذه الجرائم. العُذر بالماضى كان الجهل بجرائم الحكومات. تُري الآن وكل شئ مسجل صوتًا وصورة ما هو عُذر الناس للحكومات المجرمة؟
No comments:
Post a Comment