ضحكَةَ أُمِّهَا

 


بعد شهور من الصدمة ومحاولة فهم كيف تموت الأمهات. نعم.. مجرد الفهم لا التقبل. فهي رفضت قبول هذا الرحيل.. على الأقل في الوقت الراهن. تنتظر ما يقولونه عن الزمن وفعل النسيان. تُقسم أشياء أمها في صناديق ومجموعات تحتفظ ببعضها وتتبرع بالكثير. مع كل قطعة ملابس، حذاء، اكسسوارات، كانت تستدعي ذكرى وتبتسم. المهمة التي المفروض أن تستغرق عشر دقائق، أخذت أكثر من ساعة. تجلس على طرف السرير وفي يدها قطعة ملابس. تشم فيها رائحة أمها. للأمهات رائحة مميزة مكتسبة من الجدّات حتى وإن اختلفت الرائحة. انتهت في بداية المساء.. فتحت شباك الغرفة أملا في الخلاص من رائحة الموت ولزوجة الفراق. عندما ملأت صدرها بهواء الشتاء البارد، وقع نظرها على صورة قابعة على طاولة صغيرة بجوار السرير تتوسط الكثير من علب الأدوية التي نست أن تضعها مع الأدوية التي ستتخلص منها. تضحك أمها في الصورة وهي تضع ذراعها على كتفها. عادت مرة أخرى إلى حرف السرير الذي لا زال يحمل شكل ودفئ مؤخرتها . رأت في الصورة تفاصيل الضحكة لكنها لم تسمعها. اعتدلت في جلستها وتمللت محاولة مرة أخرى أن تستدعي من مقاعد الذاكرة نغمات هذه السعادة التي نطلقها عند الفرح. راحت تبكي.. تبكي ليس لأنها لم تبك عندما ماتت أمها، بل تبكي لأنها لا تتذكر صوت ضحكة أمها


No comments: