مقاطع بلوتوث ساخنة من أجل مصر

نُشرت بمصر العربية: 
------------------------------------
قال رئيس الدولة فى خطابة أنه يعرف مصر أكثر مننا جميعًا ووجب علينا أن نسمع له فقط. ربط رئيس الدولة حُب الناس لمصر بالسماع لكلامه. ( بتحبوا مصر صحيح.. اسمعو كلامى أنا بس.. أنا بس)  والحق أن هذا ما يحدث فعلًا. فلا يوجد صوت آخر غير صوته وأصوات مُريده. هزلية الإعلام تجسدت فى خناقات من نوعية من  كان ينام تحت سرير من؟ الأصوات الأخري بعضها  ممنوعة من الكتابة والظهور فى الإعلام والبعض الآخر هاجر والباقى فى السجون. فلا يوجد أي صوت أخر نسمع له حتى وأن بحثنا عنه.
أضاف الرئيس أن مصر تعانى من عجز داخلى بمبلغ 2 تريليون دولار فى السنوات الأربع الأخيرة ولمحاربة هذا العجز، قدم الرئيس بعض النظريات الإقتصادية. اولها عرض رئيس الدولة نفسه للبيع فى سوق النخاسة عندما قال: (والله العظيم لو ينفع أتباع.. أتباع عشان مصر؟)
ولكن السؤال الذي عرض به الرئيس هذه النظرية الإقتصادية كان سؤال إستنكاري مما عجّل بفشل نظرية بيعه. ولكنه لم ييأس وقام بتقديم نظرية إقتصادية أخرى ناجحة وشهيرة. ألا وهى تحويل رصيد لمصر. ( لو كل واحد من اللى بيتكلموا فى الموبايل صبّح على مصر بجنيه هنعلم 4 مليار جنيه فى السنه). الجدير بالذكر أن هذه النظرية الإقتصادية قد تم إستخدامها فى المكالمة الشهيرة بين أحمد التباع و حبيبته هبه عندما طلبت منه فى نهاية المكالمة تحويل كارت شحن بخمسة جنيهات. لم يبق من النظريات الإقتصادية العتيدة سوى تقديم مقاطع بلوتوث ساخنه مقابل تحويل رصيد على الطائر!
ودافع الرئيس عن الحكومة التى لم يشر من قريب أو بعيد أو يطلب منهم التبرع بمرتابتهم لمدة شهرم مثلًا من أجل مصر، ولكنه إتهم الشعب بالجهل بالحكومة عندما قال: ( أنتو هتعرفوا الحكومة أكتر منى.. دى حكومة كويسه وبأقعد معاهم كل يوم.. همه بياخدوا إيه عشان يستحملوكم). هل هذا معناه أن الحكومة لا تتقاضى أجر مقابل أعمالها؟ أم أن الشعب وصل لدرجة من ثقل الدم جعل الحكومة لا تتحمله وأن الوزراء يقومون بتأدية عملهم شفقة وإحسان؟ الله وحده يعلم إجابة هذه الأسئلة.
إختتم الرئيس خطابة بتهدديد ووعيد وتحدي فقد قالها صراحة وبكل قوة : (..اللى هيقرب من مصر هشيله من على وش الأرض) . ثم أعلن التحدي على الملأ  مخطابًا هؤلاء الذين يسخرون من الحكومة ليل نهار  : (عايز أجيب كل اللى بيتكلم وأمسكه وزارة وأقوله ورينى هتعمل إيه).
هذا بإختصار أبرز التصريحات (الجادة) لرئيس الدولة فى كلمته بمؤتمر التنمية المستدامة!




العُذر بالماضى كان الجهل بجرائم الحكومات

نشرت بمصر العربية : 
قال صديقي إيهاب بصوته الذي يشبه صوت السادات:
كل من ساند الإنقلاب من الكتاب والممثلين والفنانين والمبدعين لابد عليه أن يخرج على الملأ ويعتذر!
قاطعته مازحًا:
جايز ما يعرفوش!
لطالما تناقشنا فى هذه النقطة، علاقة المثقف بالسلطة وتعريف الوطنية ومتى كانت المعارضة خيانة. إيهاب يمثل قطاع عريض من الناس لن يغفر أو يسامح أحمد فؤاد نجم والأبنودي والغيطاني وغيرهم. كنت أحاول أن اشرح له ان يحب فى هؤلاء فنهم ويرفض مواقفهم السياسية ولكنه كان يرفض أن يفرق بين الفنان والإنسان. وهي نقطة مهمة ولها ثقلها فى هذه النقاشات التى لم نجرج منها بنتيجة حاسمة ونهائية.
تذكرت هذا وأنا أشاهد واحد من أجمل الأفلام وهو (Judgment at Nuremberg). الفيلم يحكى عن محكامة من المحاكمات العسكرية التى تبعت هزيمة النازي الألمانى. كانت هذه المحاكمة لوزير العدل والمدعى العام وقاضيين. فى أحد المشاهد الجميلة، يشهد المتهمون فى كافتيريا السجن يتحدثون، ويسأل قاضي من المتهمين زميلًا له:
هل كنت تعلم عن حرق اليهود؟ هل أي منكم يعلم عن معسكرات أفران الغاز الذي تحدث عنها المدعي العسكري فى جلسة اليوم؟
فيرد جميعهم:
لا طبعًا!
إذا قرأت تاريخ فى تاريخ النازي الألماني، ستجد أن هتلر وإعلامه بقياده جوبلز قد جعلا ألمانيا فى عيون شعبهم مهددة بالخطر وأنها تحارب من أجل البقاء. لم تكن وسائل الإعلام حينها كيومنا هذا، إذا قُتل مواطن فى الدرب الأحمر، شاهد الفديو أهل إستراليا بعدها بدقائق معدودة. أحد القضاة المتهمين فى الفيلم قال مدافعًا عن نفسه أن كل ما فعله من أحكام تُملى عليه ضد المواطنين لانه كان يظن أن هذه هى الوطنية وأن هؤلاء هم أعداء الوطن ويجب التخلص منهم حتى تنعم البلاد بالإستقلال والرخاء!
وزير العدل فى الفيلم هو الوحيد الذى قال أنه يجب معاقبته لأنه لم يسأل ويستخدم عقله ويعارض ويعرف الحقيقة بل يجب معاقبة العالم والدنيا كلها معه لأن العالم كله رأي طاغوت يكبر ويتوحش أمام أعينهم ولم يفعل أي شئ إلا بعد قتل ستة ملايين روح!
حبكة الفيلم كانت تتمثل فى المحامي الشاب الذى كان يدافع عن هؤلاء وكان يقول أنه لا يجب محاكمة ألمانيا كلها على جرائم الحكومة لأن معظم الناس كانوا لا يدرون شيئًا عن هذه الجرائم. العُذر بالماضى كان الجهل بجرائم الحكومات. تُري الآن وكل شئ مسجل صوتًا وصورة ما هو عُذر الناس للحكومات المجرمة؟

ضد الحبس فى قضايا النشر

نُشرت فى مصر العربية 
"... أنه بسبب نشر المتهم مادة كتابية نفث فيها شهوة فانية ولذة زائلة وأجّر عقله وقلمه لتوجه خبيث حمل انتهاكًا لحُرمة الآداب العامة وحسن الأخلاق والإغراء بالعُهر خروجًا على عاطفة الحياء وعن المُثل العامة المصطلح عليها فولدت سفاحًا مشاهد صورت اجتماع الجنسين جهرة . وما لبث المتهم أن ينشر سموم قلمه برواية أو مقال حتى وقعت تحت أيدي القاصي قبل الداني والقاصر قبل البالغ فأضحى كالذباب لا يري إلا قاذورات فيسلط عليها الأضواء والكاميرات حتى عمّت الفوضي وانتشرت النار فى الهشيم..."
هذا ليس مشهد من فيلم كوميدى ولكن قرار احالة النيابة فى قضية حبس الكاتب أحمد ناجى
بعد أن حكمت محكمة على طفل لا يزيد عمره على أربعة سنوات بالمؤبد لإرتكابه جرائم وعمره عام واحد، تم الحكم اليوم على الكاتب أحمد ناجى بالسجن عامين بتهمة خدش الحياء العام. مهزلة الأحكام التى تدعو للسخرية وتجعل منا أضحوكة مستمرة بسرعة قطار مجنون لا يستطيع أحد التحكم فيه.
هذا الحكم إهانة للعقول وسيف مُسلّط على رقاب وأقلام أي كاتب. بعد الأحكام والقوانين التى منعتك من الكلام والإعتراض والتظاهر، الآن يسلبون حقك في الخيال والتفكير! هؤلاء يخافون من إستخدامنا علامات الإستفهام والتعجب ! بالتأكيد هناك تعاريف عديدة لخدش الحياء العام ولكن بالتأكيد الكتابة ليست واحدة من هذه التعاريف. خدش الحياء العام هو الفشل فى حل المشاكل الإقتصادية والإصلاح السياسي ومحاربة الفساد والقضاء على بلطجة أمناء الشرطة. خدش الحياء العام هو المشاريع الوهمية والإعلام الذي يُطبل لإختراع الكفته. خدش الحياء العام هو إحتضار العملة المحلية وإلقاء اللوم على تماسيح الإخوان! خدش الحياء العام هو براءة الضابط الذي عذًب وقتل سيد بلال وإخلاء سبيل أمين الشرطة الذى راود إمرأة المترو عن نفسها وتحرش بها!
هذا الحكم هو إنتهاك واضح وصريح للدستور وفى عهد الرئيس الذى دائمًا يذكرنا بأنه قضي على الإخوان الذين كانوا سيأخذوننا إلى العهود البائدة فى قتل الفكر والحرية! هنا لابد من وقفه من جميع الكُتاب وأولئك الذين إتخذوا من الخيال سلاحًا للدفاع عن أقلامهم وما تكنه صدورهم. إذا لم تتحرك اليوم وتدافع عن الحرية فى الكتابة والإبداع سوف يأتى دورك يومًا ما وأنت خلف قضبان الجهل والتخلف. وجب على ناشر رواية "إستخدام الحياة" جعل الرواية متاحة للجميع أو على الاقل نشر الفصل الخامس الذي سبّب إرتفاع ضغط الدم وإحمرار الوجه للمدعى الذى رفع القضية!



أنا حكومة!

نُشرت فى مصر العربية
قال المرحوم فرج فودة أن مآساة دولتنا هى عدم تسمية الأشياء بمسمياتها الطبيعية. كان يتحدث رحمة الله عليه عن العلمانية التى وصفها بعض الجُهال بالكفر. فنحن دائمًا نُسمى الأشياء بأسماء أخرى أحيانًا تدليلًا، أو سخرية أو هروبًا من الواقع والمعني الحقيقى. استعارنا شخصية المرحوم خالد صالح فى فيلم هى فوضي لنطلق على دولة الجرائم دولة حاتم بينما وجب علينا أن نقول سرطان أمناء الشرطة الإجرامي مثلًا. وجب علينا أن نذكر أنفسنا كل يوم بكلمة " جريمة". وجب ألا نسخر من القتل الذى تعودنا عليه وتعود هو علينا.
فى فديو شهير على شبكات الإنترنت سأل ضابط الرئيس عبد الفتاح السيسي عن محاكمات الظُبات عند الإتهام بقتل المتظاهرين ، رد الرئيس : مش هنحاكمكم. وفى فديو آخر حديث قال الرئيس مخاطباً الظباط: أنا جاي أشكركم
اذن آمن هؤلاء العقاب أو بالتحديد عرفوا انه لايوجد عقاب ولذلك أساؤا الأدب.
وزارة الداخلية كانت من الأسباب الأساسية لسقوط مبارك. وكان التعذيب والظلم والقهر دائمًا وأبدًا الوقود الذي يحرق عروش الطغاة. لكن لم يستوعب أحد الدرس. الأغبياء فقط لا يتعلمون من التاريخ. كتب أحمد بهاء الدين أن الفرق بين الإنسان والحيوان هوالتاريخ. الإنسان يتعلم من تاريخه ويتفادى الأخطاء التى إرتكبها فىالماضي. فما بالك إذا كان هذا التاريخ حديث ، لون دماءه لم تغمّق بعد!
بعض الناس قبلوا ما يحدث فى مصر. قبلو القتل والإختفاءات القسرية والأحكام المضحكة على الأطفال. بعض الناس قبلوا ضيق العيش والذل فى طلب قوت اليوم ، قبلوا قناة السويس الجديدة التى لا يعلم احد عنها. قبلو المليون وحدة سكنية للشباب. قبلوا كل شئ لم يحدث ولن يحدث وقالوا بل ندعم الدولة حتى تقف على قدميها. ولكن الدولة لا تريد أن تدعم نفسها! أكثر من عشرة جرائم لأمناء الشرطة فى أسبوع بين سحل وقتل وتعذيب وسرقة ومحاولات تحرش. كيف تدعم الدولة نفسها بهؤلاء؟
سأل مذيع بالأمس التباع الذي يعمل مع شهيد الدرب الأحمر (دربكه) عن أسباب الجريمة وما حدث . قال الشاب أن دربكه – رحمه الله- طلب من أمين الشرطة أجرته، فقال له الأمين أنا حكومة ! ثم قتله.