وفي بداية سنة ١٩٧٥ كانت خلافاتى بعد فك الاشتباك الأول بين مصر وإسرائيل على أشدها بين الرئيس أنور السادات - يرحمه الله - وبيني وكنت قد تركت مكاني في «الأهرام» واعتذرت عن منصب نائب رئيس الوزراء ومستشار الرئيس للأمن القومي، واتخذت موقف المعارضة من سياسات الرئيس «السادات» تجاه الولايات المتحدة وتجاه إسرائيل وتجاه بعض السياسات الداخلية التي جرى اعتمادها في مصر ذلك الوقت وفي مقدمتها ما سمى بـ «الانفتاح».
كانت الظروف المحيطة بي في مصر مزعجة وكنت مصمما على أن أظل في مصر وأقول آرائى وأنشرها خارج مصر مادامت مجالات التعبير قد سدت أمامي فيها. وكانت حملات الرئيس «السادات» - غفر الله له - على عنيفة وحادة، فقد كان يشعر كما كان يقول إن سياساته تمر في عنق زجاجة وأنه لا يقبل في هذه الظروف أية معارضة تصدر خصوصا فى مصر وتسمع أصداؤها خارج حدودها.
وفجأة في هذا المناخ طلب السفير الإيراني في القاهرة «خسرو خسروانی زيارتي وجاء إلى مكتبي يحمل لي دعوة من الشاه لزيارة إيران.
وقرأت رسالة الدعوة والسفير «خسرواني» جالس أمامي. ثم أعدت قراءتها ثم أبديت دهشتي للسفير من أن يدعوني الشاه في هذا الوقت لزيارة إيران بينما هو على صداقة وثيقة بالرئيس «أنور السادات»؟».
وأردت أن تكون الأمور واضحة بما لا يترك لدى أى طرف مجالاً للبس. سألت السفير عما إذا كان «جلالته» يعرف أنني على خلاف مع الرئيس «السادات»؟». وهز رأسه بما يعني الموافقة. وسألته «عما إذا كان جلالته» يعرف أنى مصنف في القاهرة باعتباري عدوا للنظام؟ (لم يكن السادات قد أعلن بعد كما فعل مع الصحفية الأمريكية الكبيرة "كاترين جراهام"، أننى عدوه رقم (1) في مصر.
-زيارة جديدة للتاريخ - محمد حسنين هيكل
No comments:
Post a Comment